علوم الالكترونيات

مُستشعرات الإيماءات: تحكم بالعالم من حولك، عبر حركات جسمك!

يعتبر مُستشعر الإيماءات Gesture Recognition واسع الانتشار بشكلٍ كبير في أجهزة المستخدمين، وبعض طرق تنفيذها تعتبر مبدعة بشكل كبير. عملية تمييز الإيماءة الصحيحة هو المفتاح لعملية التعرف الناجح، وفي هذا المقال سنناقش كيف يمكن للقطع المادية أن تساعدك في تنفيذ عملية التمييز والتعرف على الإيماءات.

أوّل ما قد يخطر على العقل الفضولي هو السؤال التالي: “ماهي بالضبط الإيماءة؟”. وفقاً للقاموس هي عبارة عن:”سلسلة من المواقف المُرتبطة بالحركة والتي يفصل بينها فترة زمنية قصيرة”. ولكن هذا التّعريف قد لا يكون مساعداً بشكلٍ كبير، لهذا لنشرح”الإيماءة” بطريقةٍ أسهل: “هي شكل من أشكال التواصل غير اللفظي وغير الصوتي، أي أنّ رسالتك ستصل عبر حركاتٍ مرئية من الجسد كالتلويح، ضرب الكفوف، التعابير الوجهية أو حتى الإشارة إلى السماء”.

ماهو تمييز الإيماءة Gesture Recognition؟

تسمح تقنية تمييز والتعرف على الإيماءات للأجهزة بتفسير الإيماءات البشرية باستخدام مجموعة من الحساسات، ومن ثمّ مُعالجتها باستخدام خوارزمياتٍ رياضيّة. يتم بناء النّظام كي يكون قادراً على التعرف على إيماءاتٍ بشرية مُعينة ومن ثمّ يَستخدم هذه الإيماءات لنقل المعلومات أو التّحكم بجهاز ما. يجب أن تكون الإيماءات بسيطة، مقبولة عالمياً، وبديهية لضمان أن يتم تبنيها بسهولة من المستخدمين.

عملية تمييز الإيماءات تجعل الوصول للحواسيب أسهل بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية، كما أنها تجعل من عملية التفاعل طبيعية أكثر في العالم ثلاثي الأبعاد الافتراضي أو حتى في مجال الألعاب. في يومنا الحاضر، تقنية التعرف على الإيماءات متطورة وموجودة في كل مكان: الهواتف الذكية، الحواسيب، منصات الألعاب (مثل طرقية Kinect الخاصة بمنصة Xbox) وحتى أجهزة التلفاز تتضمن هذه الميزة اليوم.

يرتبط مفهوم “تمييز الإيماءة Gesture Recognition” بمجالاتٍ متقدمة في مجال علوم الحاسوب، مثل مجال “الإبصار الحاسوبي Computer Vision” ومجال معالجة الصورة “Image Processing” ومجال التعرف على الأنماط “Pattern Recognition”. يقدم أيضاً مجال تمييز الإيماءات وسيلةً أخرى للتواصل مع الحاسوب والأنظمة الحاسوبية، حيث تصبح حركات الجسم والإيماءات المختلفة الصادرة عنها هي وسيلة التخاطب مع الحاسوب، بدلاً من أنظمة التواصل التقليدية القائمة على الواجهات الرسومية GUI أو طرفيات الإدخال والإخراج التقليدية مثل لوحة المفاتيح والفأرة. بكل الأحوال، فإن هذا المقال ليس مخصصاً من أجل الحديث عن الخوارزميات الرياضية والبرامج الحاسوبية المسؤولة عن عملية تفسير وتمييز الإيماءة، بقدر ما هو مخصص لتسليط الضوء على المستشعرات والحساسات المستخدمة في أنظمة تمييز الإيماءات.

كيف تعمل؟

يقرأ حساس تصويري (كاميرا مثلاً) حركة الجسم ومن ثمّ يُرسل هذه البيانات إلى جهاز الحاوسب. يستخدم الحاسب هذه البيانات على شكل دخل ويعالجها ليتمكّن من فهم الإيماءة ومن ثمّ يرسل الإجابة على شكل أمر إلى التطبيق أو الجهاز.

لنأخذ على سبيل المثال: شخص يصفق بيديه أمام كاميرا. عندما تُعالج بيانات إيماءة التّصفيق أمام الكاميرا من خلال الحاسب يمكن أن ننتج صوت التصفيق بحسب البرنامج المسؤول عن عملية تمييز الإيماءة وإصدار الأوامر المناسبة. الميزة في هذه التقنية المذكورة سابقاً أن المستخدم ليس بحاجة أن يرتدي أي جهاز أو يربط أي جهاز بجسمه، ولكن في حالات أخرى يوجد تقنيات بديلة.

حساسات ومستشعرات الإيماءات

عندما تومئ للحاسب أو للهاتف النقال فمن الواضح أنّك بحاجة إلى طريقةٍ ليتمكن الجهاز من “رؤية” أو “تحسس” ماذا تفعل. هنا يأتي دور الحساسات. هنالك عدد من تقنيات التّحسس التي يُمكن ان تؤخذ بعين الاعتبار، ولكن سنبقى هنا مع ما هو شائع منها.

مقياس التسارع أو الـ”Accelerometers” يعرف أيضا بحساس العطالة. هذه الحساسات تُستخدم لتّحسس التّغير في القوى الناتجة عن السقوط، الحركة، الدوران، الصدمة، تموضع أو اهتزاز الجسم المتصل به، وذلك بالنسبة للوقت. هذه الأجهزة تقيس التّسارع الخطي. أي إذا كان الجهاز في وضع سقوط حر فإنّ الجهاز سيعطي القراءة صفر للتسارع.

29B_Table-1
جدول مقارنة لأنماطٍ مختلفة من حساسات التسارع وخواصها، من قبل شركات مختلفة.

A1A_Table-2

تطبيقات حساس التسارع: في حالة الهواتف الذكية، فإنّ اتجاه العرض في الشاشة سيتغير إن كنا نحمل الهاتف أفقياً أو عمودياً. الاتجاه الذي نحمل به الهاتف سيتم تحسسه من قبل مقياس التسارع والمعلومات سترسل على شكل إشارات كهربائية إلى الشاشة لتقوم تلقائياً بتعديل نفسها من العرض الأفقي إلى العمودي وبالعكس. أي في هذه الحالة الإيماءة المتصلة لعبت دوراً هام جداً.

لعبت أجهزة قياس التسارع دوراً هام أيضاً في تطوير الكثير من الألعاب لأجهزة الهاتف المحمول وخصوصاً ألعاب مُحاكات الرياضة والتي تسمح لك باستخدام الهاتف كعجلة قيادة أو أداة صيد. لتتطلع على ما تقدّمه الـ”Accelerometers” من مجالات اتطلع على الجدول الأوّل.

أداة تحديد الاتجاه الـ”Gyroscope”: وتُعرف أيضاً بـ” البوصلة الجيرسكوبية”. كان لها شأن كبير في مجال التّعرف على الإيماءات، حيث أنّ قدرتها على قياس اتجاه الجهاز يسمح لها بقياس كل من الدوران الأفقي والعمودي، وهذا ما جلب كل من الانسيابية والدقة للأجهزة المحمولة. في المرة القادمة التي تحمل فيها هاتفاً محمولاً على جانبه والشاشة تتحوّل تلقائياً إلى العرض الأفقي أصبحت تعلم أي قطعة سوف تشكر.

التطبيقات: في حالة الهواتف الذّكية والأجهزة اللوحية فإنّ إضافة البوصلة الجيرسكوبية ومقياس التّسارع سيسمح للجهاز أن يتحسس الحركة على ستة محاور بما فيها الدحرجة، الانعراج، والرمي. مما سيساعدك على الطيران بطيارتك الخاصة في لعبة محاكي الطيران على هاتفك المحمول. باختصار إن كان مقياس التسارع يفتح بواباتٍ جديدة لمُطوّري الألعاب فإنّ البوصلة الجيرسكوبية ساعدتهم على الإبداع.

حساسات الانحناء Bend Sensors: وتُعرف أيضاً بمُستشعرات الانحناء. كما نعلم أنّه حتى انحناءات الأصابع تعتبر إيماءات، لهذا فإن هذه الحساسات تساعدنا بتميز وضعيات الأصابع. مبدأ عملها أن قيمة المقاومة تزداد بازدياد الانحناء.

قفازات البيانات “Data gloves: لم يتم زرع تقانات التّعرف على الإيماءات فقط في الأجهزة الذكية والحواسيب اللوحية، ولكن أيضاً في التلفاز والحواسيب الشخصية. حيث لهذا الغرض تم تطوير قفازات البيانات. هذه القفازات تتعرف على حركات الأصابع واليدين في الوقت الحقيقي. يتم ربطها إما بالحاسب أو التلفاز فتسمح للمُستخدم بالتحكم بهذه الأجهزة لتعمل كوحدات دخل وتقلل من استخدام الفأرة أو لوحة المفاتيح.

التطبيقات: توضع حساسات الانحناء على مفصل الأصابع في قفازات البيانات وبالتالي كلما ازدادت الانحناءات زادت المقاومة والتي تُفّسر كتحكم بالجهاز.

حساسات القرب تحت الحمراء: بإمكانها تحسس مكان الأشياء القريبة من دون أي اتصال معها. حيث تبعث بحقل كهرومغناطيسي ومن ثم تفحص التّغيرات الحاصلة في محددات (بارامترات) الحقل أو في الإشارة المرتدة، والتي يتم التقاطها بعد ارتدادها من على جسم قريب من الحساس.

هنالك عدّة أنواع من حساسات القُرب ولكن تلعب حساسات الأشعة تحت الحمراء دوراً هاماً في تمييز الإيماءات، ففي اللحظة التي يُميّز فيها الحساس حركة جسم أمامه فإنّه يرسل إشارة إلى الجهاز لتنفيذ فعلٍ ما.

9ZC_gesture2
إحدى نماذج ميكروسوفت الأولية التي تلبس في المعصم وتعتمد على حساسات الأشعة تحت الحمراء والليدات والكاميرات

التطبيقات: العديد منا استخدم حوض مياه مُزود بصنبورٍ ذو تدفقٍ آلي للمياه. الصنبور يفتح تلقائياً عند ما تتحرك اليدين تحته. هذا بسبب وجود حساس أشعة تحت الحمراء يُميز حركة اليد تحته. إليك شيء مُمتع لتجربته: إذا تركت يديك تحت الصنبور من دون حركة سيتوقف الماء عن التدفق! لماذا؟ لأنه إذا كانت يديك ثابتتين فإنّ الحساس لن يلتقط أي تغيرات في الحقل وبالتالي لن يميز يديك في مقابله.

حساس القرب السعوي Capacitive proximity sensors : تدعم هذه الحساسات تمييز الإيماءات لتؤمّن واجهة قوية، سهلة الاستخدام وتدعم اللمس. في الحقيقة هذه الحساسات هي التي تكوّن شاشتك السعوية اللمسية. تسمح هذه الحساسات للمُستخدم أن يقوم بتشغيل الجهاز فقط بلمسه بإصبعه عوضاً عن الضغط عليه. وبعض النماذج الحديثة لا تتطلب حتى لمس الشاشة فبعض من التلويح فوق الشاشة يكفي لجذب انتباهها.

التطبيقات: هذه الحساسات ساهمت في جلب عصر جديد من الأجهزة المزوّدة بشاشات لمس متفوقة  والتي سمحت بتعدد نقط الإدخال وذات قُوة تحمّل أكبر. أيضا سمحت هذه التقنية بوضع زجاج أو بعض الطبقات الصلبة الأخرى على الشاشة بهدف حمايتها ودون أن تؤثر على بيئة عملها.

حساسات اللمس التّحكمية مثل ” CapSense” من “Cypress” تمتلك مزايا أخرى وتحسينات أفضل كأزرار اللمس المُتسامحة مع المياه “water tolerant” والتي تحد من أخطاء تفسير اللمس التي تحدث في البيئات الرطبة.

المصادر: هناهنا

Mhd Jafar Mourtada

طالب هندسة طبية في جامعة دمشق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى