كيف تعمل الأشياء

كيف تعمل الأشياء: القلب الاصطناعي Artificial Heart

يُعتبر القلب المحرّك الموجود داخل الجسم والذي يضمن عمل كل شيء داخله. بشكلٍ أساسي، فإن القلب عبارة عن مضخّة عضلية تؤمن دوران الدم عبر الرئتين والجسم. في اليوم الواحد يضخ القلب حوالي 2000 غالون من الدم. وكأي محرّك، وفي حال لم تتم العناية به، فإن القلب سينهار ويضخ بكفاءةٍ أقل، وهذه الحالة تدعى بالقصور القلبي.

حتى فترةٍ قريبة، فإن العلاج الوحيد لمرضى القصور القلبي كان عملية زراعة القلب، ولكن هنالك أكثر بقليل من 2000 عملية زراعة قلب تجرى في الولايات المتحدة سنويّا وهذا يعني موت عشرات الآلاف سنويا وهم في انتظار مُتبرّع بالقلب. في 2 تموز من عام 2001 أُعطي لمريض مصاب بالقصور القلبي أمل جديد حيث أُجريت له أوّل عملية زراعة قلب صناعي منذ عقدين تقريباً. القلب البديل “AbioCor” والقابل للزراعة هو أوّل قلب صناعي مُستقل تماماً ومُتوقع أن يعيش على الأقل ضعف العمر المتوسط لمرضى القصور القلبي.

في هذا المقال سوف نتعمق في آلية عمل القلب الصناعي وكيفيّة زراعته في صدر المريض وأيضاً من هو المرشح لاستقبال واحدة من هذه القلوب الصناعية. أيضا سنقارن بين القلب AbioCor والقلب الصناعي الذي سبقه والذي أثبت فشله.

القلب الهيدروليكي:
متوسط عدد ضربات القلب عند الإنسان البالغ ما بين 60 إلى 100 ضربة بالدقيقة. وكما نعلم فإن القلب ينقبض وفق مرحلتين:
1. المرحلة الأولى: الأذينتين اليمنى واليسرى تنقبضان في نفس اللحظة لتضخان الدم إلى البطينين الأيمن والأيسر.
2. المرحلة الثانية: البطينان اليمنى واليسرى تنقبضان في نفس اللحظة لتدفعا بالدم خارج القلب.

يتقلّص القلب ثمّ يرتاح قبل الضربة التالية وهذا ما يسمح للدم أن يملأ القلب مجدداً.

المرضى الذين يمتلكون قلباً مزروعاً من نمط AbioCor ستبقى لديهم أذينتان تنقبضان في نفس الوقت ولكن القلب الصناعي يمكنه أن يدفع الدم خارج القلب من بطين واحد في كل مرّة بدلاً من خارج البطينين معاً في الوقت نفسه لهذه سيقوم بإرسال الدم بالتناوب، مرة إلى الرئتين ومن ثمّ إلى الجسم. يستطيع قلب AbioCor أن يضخ أكثر من 10 ليتر بالدقيقة الواحدة وهذا كافي للنشاطات اليومية.

القلب الصناعي “AbioCor” والذي تم تطويره من قبل شركة “Abiomed” هو جهاز طبي متطوّر جداً، ولكن مبدأه الميكانيكي عبارة عن مضخة هيدروليكية تنقل سائل هيدروليكي بشكلٍ سريع من جهةٍ لأخرى. لفهم آلية عملها دعونا نأخذ نظرة على مكوّنات النظام:

• مضخّة هيدروليكية: الفكرة الأساسية للجهاز هو مضخة مُشابهة للمضخة الهيدروليكية المستخدمة في الآلات الثقيلة. القوة التي يتم تطبيقها على نقطة ما تنتقل لنقطةٍ أخرى باستعمال سائل غير قابل للانضغاط. يوجد ترس داخل المضخة يدور بسرعة 10.000 دورة في الدقيقة ليولّد الضغط.
• صمام: يفتح ويغلق ليسمح للسائل الهيدروليكي بالانتقال من جهة إلى أخرى ضمن القلب الصناعي. عندما ينتقل الدم إلى القسم الأيمن يُضخ الدم إلى الرئتين عبر البطين الأيمن، وعندما ينتقل السائل إلى القسم الأيسر يُضخ الدم إلى أنحاء الجسم عبر البطين الأيسر.
• نظام توصيل طاقة لاسلكي: أيضا يدعى بنقل الطاقة عبر الجلد (اختصاراً TET) هذا النظام يتألّف من ملفين خارجي وداخلي ويقوم هذين الملفين بنقل الطاقة باستخدام القوة المغناطيسية من بطّاريةٍ خارجية عبر الجلد من دون ثقب السطح الخارجي. الملف الداخلي يستقبل الطاقة وينقلها إلى البطارية الداخلية وجهاز التحكم.
• البطارية الداخلية: بطارية قابلة للشحن مزروعة داخل بطين المريض. تعطي البطارية المريض من 30 إلى 40 دقيقة لممارسة نشاط ما كالاستحمام مثلا عندما يكون مفصولا عن حزمة البطاريات الرئيسية.
• البطارية الخارجية: تُلبس هذه البطارية على حزام مثبت حول الخصر. كل بطارية قابلة للشحن تؤمن حوالي أربعة إلى خمس ساعات من طاقة العمل.
• المُتحكم: جهاز إلكتروني صغير مزروع على جدار البُطين. يقيس وينظم سرعة ضربات القلب.

artificial-heart-abiocor-diagram
نظام قلب AbioCor الصناعي. يتكون النظام من آلية ضخ الدم الهيدروليكية، بالإضافة لنظام نقل طاقة لاسلكي، مع بطارية خارجية قابلة للشحن مثبتة على حزام البطن. عملية نقل الطاقة من البطارية الخارجية إلى الأجزاء الداخلية تتم عبر ملفي نقل طاقة (داخلي وخارجي) باستخدام التحريض المغناطيسي. (مصدر الصورة: HowStuff Works)

قلب “AbioCor” مصنوع من التيتانيوم والبلاستيك ويتّصل بأربع مناطق:
1. أذين أيمن.
2.أذين أيسر.
3. الشريان الأبهر.
4.شريان رئوي
كل هذا يزن حوالي 2 باوند (ما يعال 0.9 كيلوغرام ثقلي).

الجراحة التي تستغرق سبع ساعات

إن زراعة قلب” AbioCor” هي من أكثر العمليات حساسية. فالجراح لا يقوم فقط بشق صدر المريض وإخراج بطيني القلب الطبيعي بل أيضا يزرع جسم غريب في صدر المريض. يجب أن يتم وصل وفصل المريض إلى جهاز القلب والرئة. تتطلب الجراحة مئات القطب لتأمين توصيل القلب الصناعي بشكل مناسب إلى البطينين. باسخام أنسجة اصطناعية تدعى “Grafts” يُوصل ما تبقى من القلب الطبيعي للمريض إلى القلب الصناعي.

العملية الجراحية في 2 تموز والتي كانت الأولى من نوعها في العالم تضمّنت اثنان من أفضل الجرّاحين، 14 ممرضة، اختصاصي تروية قلبية، وهو المسؤول عن جهازالقلب والرئة، أطباء التخدير وطاقم مساعدين.

فيما يلي خطوات الإجراء الطبي وفقاً للجراح روبرت دولينغ من جامعة لويزفيل:
1. يقوم الجراح بزراعة ملف تحويل الطاقة في البطين.
2. يفتح عظمة الصدر ويُوصل المريض إلى جهاز القلب والرئة.
3. ينزع الجراح البطينين الأيمن والأيسر من القلب الطبيعي ويترك الأذينين الأيمن والأيسر، الشريان الأبهر والشريان الرئوي. هذا الجزء من العملية يستغرق من ساعتين إلى ثلاث.
4. يتم تخييط الوصلات الأذينية Atrial Cuffs إلى الأذينة اليمنى واليسرى للقلب الطبيعي.
5. يوضع نموذج بلاستيكي في الصدر لتحديد الموضع المناسب والملائم للقلب في المريض.
6. تُقص أنسجة الـ” Graft” لطول مناسب وتُخاط إلى الشريان الرئوي والشريان الأبهري.
7. يُوضع القلب الصناعي في الصدر. يستخدم الجراحون “الموصلات السريعة” وهي كالملاقط الصغيرة، وتستخدم لإيصال القلب إلى الشرايين
8. تُزال كل الأجهزة
9. يُفصل المريض عن جهاز القلب والرئة
10. يتأكد فريق الجراحة أن القلب يعمل بشكل ملائم.

منذ أول عملية زرع أجريت وحتى عام 2004 تمّ إجراء 12 عملية آخرها تم كجزء من من تجربة سريرية في مستشفى القديس لوقا الأسقفية في هيوستن في معهد القلب في تكساس.

في الحقيقة، حذّر مسؤولو الشركة المنتجة من المبالغة الزائدة بالتفاؤل من النتائج المُتوقعة، حيث كانت أكثر التوقعات تفاؤلاً بأنّ المريض سوف يعيش لفترة تصل إلى 6 أشهر مع القلب الاصطناعي ولكن صُمم الجهاز ليضاعف متوسّط الحياة المتوقع للمرضى الذين ليس لديهم سوى حوالي 30 يوماً ليعيشوا قبيل العملية.

فارق روبيرت توولز، المريض الذي أجرى أول عملية زرع في عام 2001 الحياة. أيضا فارق عشرة مرضى آخرون الحياة ولكنهم عاشوا بمتوسّط عمر خمسة أشهر بعد عملية الزرع.

القلب الذي سبق ” AbioCor”
في عام 1982: قام الطبيب ويليام ديفيرس بزراعة القلب Jarvik-7 في جسم المريض والذي كان طبيب الأسنان يدعى بارني كلارك. تمت العملية في جامعة يوتا Utah. عاش كلارك لـ 112 يوم قبل أن يعاني من المُضاعفات الناتجة عن الجهاز.

” Jarvik-7″ هو أول جهاز مُصمم ليكون بديل دائم عن القلب الطبيعي، كان جهازاً يُحرّكه الهواء، وعلى عكس ” AbioCor”، فإنّ ” Jarvik-7″ لم يكن مُستقلّاً بل كان يتطلب عدّة أسلاك خارجية والتي تبرز من المريض لتتصل بوحدة خارجية ضخمة. وقد سبببت هذه الأسلاك البارزة المضاعفات عند كلارك.

تلقّى أربع مرضى آخرون القلب ” Jarvik-7″ قبل أن يُوقف نتيجة للمضاعفات التي يسببها بما في ذلك الصدمة الكهربائية، مشاكل ميكانيكية ومشاكل التوافقية التشريحية والحيوية. منذ ذلك الوقت تمّ تحسينه وإعادة تسميته إلى ” CardioWest heart” ويستعمل حالياً فقط في التجارب.

المصدر: Howstuffworks

Mhd Jafar Mourtada

طالب هندسة طبية في جامعة دمشق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى