المساحة الإخبارية

المواد متغيرة الطور تكسر حاجز سرعة السيلكون في الحواسيب

من الممكن اليوم إيجاد حواسيب أسرع، أصغر، صديقة للطبيعة، وقادرة على معالجة المعلومات أسرع بـ 1000 مرة من النماذج الموجودة حالياً، وذلك بتبديل مادة السيلكون بمواد يُمكنها التحول بشكل عكوس بين المراحل الكهربائية المُختلفة.

قد نتمكن من تجاوز حدود السرعة والسعة في الذاكرات والمعالجات الحاسوبية باستبدال مادة السيلكون بموادٍ مُتغيرة الطور Phase Change Materials (PCMs)، والتي تتمتع بإمكانية التحول بشكل عكوس بين طورين هَيكليين مُختلفين لهما حالاتٍ كهربائية مُختلفة – الأولى بلورية ناقلة للتيار والأخرى زجاجية عازلة للتيار – وهذا الأمر يتم خلال جزء من المليار من الثانية.

أظهرت الاختبارات على الأجهزة التي تعتمد على المواد مُتغيرة الطور أنه يمكن تطبيق عمليات المُعالجة المَنطقية في خلايا الذاكرة غير المتغيرة Non-Volatile Memory Cells باستخدام تركيباتٍ مُعينة من نبضات الجهد Voltage Pulses فائقة في الصغر، وذلك لا يمكن إنجازه في الأجهزة التي تعتمد على السيلكون.

في هذه الأجهزة الجديدة، تقع الذاكرة في مواقع مترابطة مع العَمليات المنطقية، على عكس الأجهزة المُعتمدة على السيلكون التي يقع فيها العنصران بشكلٍ منفصل. ستسمح هذه المواد الجديدة بتسريع عملية المعالجة من 500 إلى 1000 مرة أكثر من متوسط سرعات الحواسيب النقالة حالياً، باستخدام طاقةٍ أقل.

تستخدم المعالجات أحد أنواع المواد متغيرة الطور أساسها الزجاج الكالكوجيني – مركب كيميائي يتألف من شاردة كولكاجين (عناصر المجموعة  16 الموجودة بالجدول الدوري للعناصر) وعنصر موجب كهربائياً “Electropositive” على الأقل – الذي يمكن إذابته وإعادة بلورته في مدة زمنية تبلغ نصف نانوثانية (جزء من مليار من الثانية) باستخدام نبضات الجهد المناسبة.

Untitled

تتم العمليات الحسابية في الحواسيب، الهواتف النقالة و الأجهزة اللوحية بواسطة أجهزة منطقية أساسها السيلكون. أيضاً، تعتمد الذاكرات الصلبة المستخدمة لحفظ نتائج تلك الحسابات، على مادة السيلكون. “لكن، المطالب المستمرة لتسريع الحواسيب تتزايد، ونحن سوف نصل قريباً إلى حدود إمكانيات السيلكون،” يقول البروفيسور Stephen Elliott من جامعة كامبريدج فرع الكيمياء، الذي يترأس هذا البحث.

سابقاً، كان الإجراء الأولي الذي يتم اتخاذه لزيادة قوة الحواسيب هو زيادة عدد الأجهزة المنطقية داخلها وذلك يتم بالتقليص من حجم تلك الأجهزة باستمرار، لكن الحدود الفيزيائية لهندسة الأجهزة الحالية تعني أنه من المستحيل الإكمال في هذه الطريقة.

حالياً، يبلغ حجم أصغر جهاز منطقي أو ذاكرة يعتمد على السيلكون 20 نانومتر –  أنحف من شعرة الإنسان بـ 4000 مرة – و يتم تصنيعها في طبقات. حيث يتم تصغير الأجهزة لزيادة عددها على الشريحة الواحدة، حتى تصل إلى درجةٍ تُصبح فيها الفجوات بين الطبقات صغيرة لدرجة تسمح للالكترونات، المخزنة في أماكن معينة من أجهزة ذاكرة الفلاش غير المتغيرة، بالخروج من الجهاز، ما يتسبب بخسارة في البيانات. ستتغلب الأجهزة ذات الأساس PCM على مشكلة الحدود الحجمية حيث تبين أنها تستطيع العمل ضمن أبعاد تصل إلى 2 نانومتر.

كحلٍ بديل لزيادة سرعة المعالجة دون زيادة عدد الأجهزة المنطقية هو بزيادة عدد العمليات الحسابية الذي يمكن تطبيقها عبر جهازٍ واحد، هذا غير ممكن تحقيقه في أجهزة السيلكون، لكن أظهر الباحثون أن العمليات الحسابية المتعددة ممكنة في الأجهزة المنطقية والذاكرات المعتمدة على PCM.

تم تطوير هذه المواد لأول مرة في السيتينات، وكانت تُستَخدم في أجهزة الذاكرة الضوئية، مثل أجهزة DVD القابلة للتسجيل “الكتابة” عليها. اليوم، بدأت استخداماتها تدخل عالم الالكترونيات في تطبيقات الذواكر الالكترونية وقد بدأت بحل محل ذاكرات الفلاش التي تعتمد على السيلكون في بعض عناصر الهواتف الذكية.

تبين أن أجهزة الـ PCM التي تم عرضها للعمل في الذواكر والأجهزة المنطقية لم تكتمل بعد: حالياً، هي لا تقوم بالعمليات الحسابية في نفس سرعة السيلكون، وتعاني من عدم استقرار عند بداية الطور غير البلوري (زجاجي).

لكن، أوجد الباحثون، في جامعة كامبريدج وسنغافورة، أنه بتطبيق العملية المنطقية بشكلٍ عكسي – أي البداية من الطور البلوري ومن ثم إذابة الـ PCM في الخلايا لتنفيذ العمليات المنطقية – تصبح المواد أكثر استقراراً وقادرة على إنجاز العمليات بسرعة أكبر.

تستطيع المواد متغيرة الطور أن تحل محل ذواكر الفلاش بسبب هذا التحول الجوهري، أو عملية التبلور، و سرعة الـ PCMs الموجودة حالياً والتي تبلغ 10 نانوثانية. بزيادة السرعة أكثر من ذلك إلى أن تصبح أقل إلى 1 نانوثانية (كما أظهر لنا الباحثون في كامبريدج و سنغافورة في سنة 2012)، ستستطيع هذه المواد حلّ مكان ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية DRAM، التي تحتاج إلى تحديثٍ مُستمر، من خلال استبدالها بـ PCM غير متغير.

تكون المعلومات والبيانات، في الأنظمة التي تعتمد على السيلكون، مختلطة، مما يكلف طاقةً ووقتاً أكثر. “بشكل مثالي، نحن نفضل أن يتم إنتاج المعلومات وتخزينها في نفس المكان،” يقول الدكتور Desmond Loke من جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم، رئيس مؤلفي الورقة البحثية. ويتابع في حديثه: “السيلكون مادة مؤقتة التخزين: يتم إنتاج المعلومة، تنتقل وتُخَزن في مكان آخر. لكن باستخدام أجهزة PCM المنطقية، تبقى المعلومة في مكان إنتاجها.”

“في النهاية، ما نريد أن نحققه هو استبدال أجهزة DRAM والمعالجات المنطقية في الحواسيب بأجهزة جديدة غير متغيرة تعتمد على أساس PCM” يقول البروفيسور Elliott. “لكن ليحصل ذلك، نحتاج إلى سرعة في التحويل تصل إلى 1 نانوثانية. حالياً، تسرب عملية إنعاش الـ DRAM كمية هائلة من الطاقة، وهو أمرٌ يُعتبر مكلف جداً، من الناحية الاقتصادية والبيئية. وجود سرعات تحويل أكبر في أجهزة PCM سيُقلص هذا الأمر بشكل كبير، مما ينتج حواسيب ليست أسرع وحسب، بل نظيفة وصديقة للبيئة أكثر”.

 المصدر: [Phys.org]

Michel Aractingi

طالب هندسة كهرباء في جامعة البلمند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى