المساحة الإخبارية

في سابقةٍ علمية جديدة: فريق من المهندسين يُصور الأشعة في جسم الإنسان باستخدام تأثير شيرنكوف

قد يُساهم اكتشافٌ علمي جديد بمنح مجال معالجة الأورام بالأشعة (Radiation Oncology) أدواتٍ جديدة تسمح بزيادة دقة وأمان العلاج بالأشعة الذي يتلقاه مرضى السرطان و ذلك لمساعدة الأطباء على رؤية الأشعة القوية الصادرة عن عمل المُسرّع الخطي linear accelerator عندما تدخل و تخرج من الجسم.

لا يُمكننا رؤية الأشعة السينية (X-Ray) بشكلٍ مرئي، وحين نستخدم أشعة السينية أو الماموجرام (أشعة سينية ذات طاقة منخفضة تستخدم لتصوير الثدي) لا يُمكننا تحديد متى تخترق الأشعة العظام أو النّسج. لكن ماذا لو تمكنّا من رؤية تلك الأشعة؟ عندما نقوم باستخدام أشعة سينية عالية الطاقة يمكننا رؤية كيف تصطدم الأشعة بالأورام، فإذا اصطدمت بمكانٍ خاطئ يُمكن إيقاف العملية وتعديل المكان وتحسين الدقة. الدقة العالية مُهمة جداً، فالهدف من هذه العملية هو قتل الخلايا السرطانية وعدم العبث بالنّسج السليمة.

• الأمان في علاج الأورام بالأشعة (Radiation oncology)
في سبيل جعل علاج الأشعة أفضل وأكثر أماناً، بدأت جامعة Dartmouth بدراسة ظاهرة علمية تدعى بتأثير شيرنكوف Cherenkov Effect في سنة 2011. نصّ العُلماء والمهندسون أنه باستخدام انبعاث شيرنكوف فإن الأشعة قد تكون “مرئية” لفريق العمل والمُعالجة، وبالتالي فإن قابلية رؤية الأشعة السينية ستتيح لنا:
i. رؤية كيفية انتقال الأشعة داخل جسم الإنسان
ii. إظهار كمية الأشعة الداخلة إلى الجلد
iii. إظهار أي خطأ في كمية هذه الأشعة

قد تكون قد رأيت في التلفاز تسريبات الوقود في مفاعل نووي يُصدر لوناً أخضر و أزرق لامع. هذا ما يُدعى بتأثير شيرنكوف. عندما يتحرك جُزيء مشحون ضمن وسط غير ناقل للكهرباء – مثل الماء أو جسم الإنسان – بسرعةٍ أعلى من السرعة الطورية للضوء ضمن هذا الوسط، فإن الجزيء سيتوهج ويضيء. عندما تستريح المادة من الاستقطاب تقوم بإصدار ضوء. (جسم الإنسان يُصدر ضوءاً لفترة وجيزة خلال العلاج).

• تأثير شيرنكوف في المخبر
كخطوةٍ أولى، عدّل المُهندسون في جامعة Dartmouth كاميرا قادرة على الرؤية الليلية لتصوير الأشعة وهي تخترق المياه. ما ظهر في الصور هو تأثير شيرنكوف على شكل ضوءٍ أزرق لامع.

من أجل ضبط الطريقة وجعلها قابلة للاستعمال بمجال المعالجة الإشعاعية، قام العُلماء باستخدام تمثالٍ لمُحاكاة جسم الإنسان، وقاموا بدراسة النّتائج بهدف إدراك مدى قدرتهم على رؤية ذلك البريق اللامع، فقاموا بعدة تجارب وذلك بتغيير شدة الإشعاع والمنحى وطول الموجة.

• استخدام تصوير شيرنكوف لأول مرة في مجال المعالجة
بهدف إعادة ضبط وتحديد الجوانب السريرية (clinical aspects)، قام الباحثون في مجال الطب بتصوير ذلك البريق من خلال معالجة روتينية بالأشعة لورم فموي لكلب.
كانت هذه هي المرة الأولى التي تخرج فيها الدراسة من المختبرات البحثية وتدخل في علاجٍ حقيقي. أطلق العلماء على هذه الطريقة الجديد “شيرينكوسكوبي” (Cherenkoscopy). وكما هو متوقع، تمكّن الباحثون من رؤية معلومات دقيقة حول مجال العلاج والكمية.

“أول ملاحظة من معالجة الكلب أثبتت أنه يُمكننا رؤية الأشعة خلال المعالجة”. كما يقول David Galdstone رئيس العيادات الفيزيائية في Norris Cotton Cancer Center، ويتابع توضيحه : ” وضحت الصور شكل الإشعاع والحركة المرغوبة لآلة المعالجة”.

• أول صورة لانبعاث شيرنكوف خلال معالجة ثدي إنسان
أصبحت هذه التقنية جاهزة للاستعمال على الإنسان المريض، ومن أجل ذلك جهز فريق العمل لرؤية الأشعة التي تدخل جسد امرأة مُصابة بسرطان الثدي وتخضع للمعالجة منذ حزيران 2013.

“سرطان الثدي مُناسب لأن التصوير يُظهر كميّة الإشعاع السطحية الداخلة إلى الجلد”. كما تقول Lesley A. Jarvis وهي أخصائية معالجة أورام في Norris Cotton Cancer Center. قد يصيب الجلد آثار جانبية وردة فعل سلبية خلال التعرّض للعلاج بالإشعاعات “. عبر تصوير وتكميم الكمية الإشعاعية التي سيتلقاها سطح الجلد في طريقةٍ تُعتبر الأولى من نوعها، يُمكننا تعلم ودراسة العوامل الفيزيائية التي تؤدي إلى ردة فعل وآثار جانبية والتي قد تحدث للجلد”.

من خلال رؤية تأثير الأشعة على الجسم، يمكن للمختصين بمعالجة الأورام عبر الأشعة والفيزيائيين القيام بتعديلاتٍ لتجنب الآثار الجانبية السلبية التي قد تحدث للجلد. أغلب المرضى الذين يتم علاجهم بالطريقة التقليدية يستغرقون مدةً تتراوح بين 8-20 جلسة من جلسات المعالجة الإشعاعية. صور شيرنكوف أظهرت الأماكن الخطرة التي يتوزع عليها الورم في يدها (لصاحبة مرض سرطان الثدي). يمكن للفيزيائيين والمختصين إزالة تلك الأماكن الخطرة الجلسات المستقبلية.

“الصورة الحقيقة تظهر أننا نعالج المنطقة المحددة بدقة و بتعديلات مناسبة على الإشعاعات و بكمية المناسبة” .

• استخدام انبعاث شيرنكوف في العيادات يثبت نجاحه
أظهرت التّجربة أن تأثير شيرنكوف هو الحل المُناسب للعمل خلال إصدار الأشعة. “لقد تعلمنا أنه من السهل دمج التصوير مع علاج المرضى مضيفا مدة صغيرة من الوقت للعلاجات فقط” .كما تقول Jarvis.

“المُدة المطلوبة للحصول على المَعلومات قابلة للتجاهل حتى مع الأنظمة التجريبية غير المُتكاملة” كما يقول Gladstone، ويتابع توضيحه :” لقد وجدنا في صور شيرنكوف معلومات أكبر بكثير من المُتوّقع خصوصاً أننا لم نكن نتوقع أن نرى الأوعية الدموية الداخلية”.

إن رسم مُخططاتٍ للأوعية الدموية يفتح فرص كبيرة كي يتم استخدام البنية التشريحية للإنسان بمجال معالجة الأورام بالأشعة، وذلك للتأكيد على موضع بعض المناطق. وشم الجلد على المرضى يُحدد المحاذاة الأولية إلى أن يتم التحقق بالأشعة السينية التي تُظهر أماكن البنية العظمية أو علامات الزروع. تصوير شيرنكوف يسمح للتقنيين رؤية النسج الناعمة والأوعية الدموية الداخلية.

• قد يكون سبيل الأمان و السلامة في المعالجة بالأشعة
بجعل تصوير شيرنكوف علاجاً روتينياً في العيادات، يقول غلادستون أن هذه التقنية يُمكن أن تستخدم لتحديد كمية الأشعة التي سوف يتلقاها المريض بدقةٍ عالية، وبالتالي تجنب أي أخطاء في عملية المعالجة الإشعاعية. (قد تكون الأخطاء نادرة ولكنها خطرةٌ جداً في حال وقوعها).

يقوم الباحثون بجمع معلوماتٍ جديدة في كل اختبار يقومون به على هذه الطريقة. “ابقوا معنا، فنحن نُخطط إلى دراساتٍ أكثر اعتمادية لتحديد تأثير تقنية التصوير الجديدة في تحسين سلامة المعالجة الإشعاعية”. كما تقول Jarvis.

المصدر: موقع Phys.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى