المساحة الإخبارية

للمرة الأولى: إرسال واستقبال الإشارات اللاسلكية، بنفس التردد، وبنفس الوقت!

تمكن مجموعة من الباحثين في جامعة كولومبيا من اختراع تقنيةٍ جديدة، وهي عبارة عن دارة متكاملة مزدوجة للترددات الراديوية، والتي يمكن دمجها مع تقنية CMOS بالأبعاد النانوية. تسمح هذه التقنية الجديدة بعمليات إرسال واستقبال الإشارات الراديوية اللاسلكية، والتي تمتلك نفس التردد، وبنفس الوقت! حتى الآن، كان يعتقد أن إجراء مثل هكذا عمليات إرسال واستقبال هو أمرٌ مستحيل، فيجب أن يكون هنالك فارق زمني بين أجهزة الإرسال والاستقبال كي تستطيع أن تعمل، أو يجب أن تعمل عند تردداتٍ مختلفة. استطاع الفريق البحثي بجامعة كولومبيا أن يحقق هذا الإنجاز، وأن يظهر وللمرة الأولى دارةً متكاملة تستطيع تحقيق هذا الأمر. تم عرض النتائج في المؤتمر العالمي لدارات الحالة الصلبة في مدينة سان فرانسيسكو، بتاريخ 25 شباط/فبراير من العام الحالي.

يقول هاريش كريشناسوامي، وهو أستاذ مساعد في جامعة كولومبيا وقائد الفريق البحثي :” عبر تقنيتنا الجديدة، تستطيع شبكات الاتصالات اللاسلكية أن تضاعف الطيف الترددي الذي تعمل عنده، مما يعني مزيداً من الأداء الجيد لأجهزةٍ مثل الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية “.

بدأت معضلة تقنية بالظهور في الوقت الحالي، وهي مشكلة “المعطيات الكبيرة Big Data”، فكمية المعطيات والمعلومات التي يتم إنتاجها وتوليدها وتبادلها تتزايد يوماً بعد يوم وبمعدلاتٍ كبيرة. بالنسبة لشبكات الاتصالات اللاسلكية المسؤولة عن تأمين عملية تبادل هذه المعطيات، فإن المجال الترددي الحالي الذي تعمل وفقه بدأ يصبح أزمةً حقيقية، فهو سيصل لحد يصبح بعده غير قادر على تأمين عملية تبادل الكميات الكبيرة من المعطيات بالكفاءة المطلوبة، ما يعني أن المجال الترددي الحالي لن يكون قادراً على تحمل طوفان المعطيات المستقبلي.

newtechnolog
دارة الإرسال والاستقبال التي قام فريق جامعة كولومبيا باختراعها.

تدعم معايير الاتصالات الحالية – مثل معيار 4G/LTE – حوالي 40 مجالاً ترددياً مختلفاً، وبالنسبة لمجال الموجات الراديوية، فإنه لم يعد هنالك أي مجال يمكن استعماله من أجل التوسيعات المستقبلية، أي أن كامل طيف الموجات الترددية قد تم استثماره في حزم اتصالات مختلفة. بنفس الوقت، فإن أهم تحديات الجيل الجديد والمستقبلي من الاتصالات (أي شبكة 5G) هو بتأمين زيادة قدرها 1000 مرة بسعة البيانات والمعطيات التي يمكن نقلها.

أين تكمن أهمية التقنية الجديدة من كل هذا ؟

في الواقع، فإن امتلاك مرسل ومستقبل يستطيعان إرسال واستقبال المعطيات بنفس التردد وبنفس الوقت، سيسمح بمضاعفة سعة المعطيات التي يمكن تبادلها باستخدام شبكات الاتصالات الحالية. أشار الأستاذ كريشناسوامي إلى أن العديد من الفرق البحثية والشركات الناشئة قد أشارت إلى أهمية امتلاك مرسلات ومستقبلات تعمل بنفس التردد وعند نفس الوقت، ومع ذلك، لم يتمكن أيٌ منها من تحقيق وإنجاز هذا النظام.

أحد أهم المشاكل التي واجهها الفريق، هي بإزالة صدى المرسل. لتوضيح هذه المشكلة، تخيل أن تريد أن تسمع حديث شخصٍ يقوم بالهمس، بينما يوجد شخصٌ آخر يصرخ، مما يعني أن الشخص الذي يصرخ سيشوش على عملية الإصغاء، ولن تتمكن من الاستماع لهمس الشخص الآخر. إذا تمكنت من حذف صوت الصراخ، ستتمكن من سماع صوت الهمس.

ويقول كريشناسوامي بهذا الخصوص :” إذا تمكن كل الأشخاص من القيام بهذا الأمر، فإن كل الأشخاص سيستطيعوا أن يتكلموا ويسمعوا حديث الآخرين بنفس الوقت. وهذا يعني أن المحادثات التي يجريها الأشخاص ستتطلب نصف الوقت الذي تتطلبه عادةً. صدى المرسل، أو ما يعرف بـ التداخل الداخلي Self-Interference هو أحد التحديات الهامة التي واجهتنا، خصوصاً عندما أردنا أن نقوم بحذفه على دارةٍ متكاملة عند الأبعاد النانوية. الأمر الجيد أننا تمكنا من إيجاد الطريقة المناسبة للقيام بذلك “.

المصدر: موقع Phys.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى