المساحة الإخبارية

هل سيكون “الممريستور” الحل السحري لبناء الحواسيب عصبية البنية؟

قد يكون جهاز الممريستور Memristor هو أفضل أمل بالنسبة للباحثين من أجل تحقيق شرائح عملية تعتمد في مبدأ عملها على محاكاة عمل الخلايا العصبية لدماغ الإنسان، أو الشرائح العصبية.

تم استخدام الممريستورات، وهي العناصر الإلكترونية الغريبة التي تم إثبات وجودها عام 2008، لابتكار شريحةٍ تستعين بالنقاط التصميمية من الدماغ. لم يتّعلم النموذج الأوليّ للشريحة أي شيء مُعقد، فهي تستطيع التّمييز بين الأنماط البسيطة جداً من اللونين الأسود والأبيض. لكن قد تقود النّماذج الكبر والأكثر تعقيداً لنشوء حواسيب قادرة على فهم الحديث، الصور والعالم المحيط.

تعالج دارة الشريحة ، المَصنوعة من قِبل الباحثين في جامعة كاليفورنيا، سانتا باربرة، وجامعة ستوني بروك، البيانات دون اللجوء إلى الدارات الرّقمية المنطقية، بل باستخدام عناصر شبيهة بالخلايا العصبية ونقاط التشابك العصبي للأدمغة الحيوية. عند تعريض شبكة كهذه لمعلوماتٍ جديدة، تقوم “بالتعلم” بشكلٍ مشابه تماماً للمشابك التي توصل الخلايا العصبية، حيث تقوم الخلايا العصبية بالتأثير على بعضها البعض أثناء عملية التعلم.

neuromorphic-memristorsx299
الدارة تستطيع أن تتعلم على تمييز أنماط بيطة من اللون الأسود وأبيض، بالفضل لأجهزة تُدعى الممريستورات تتوضع على كل مكان يعبره السلك.

تواجدت نسخ برمجية من شبكاتٍ عصبية صُنعية منذ زمن، واستطاعت الشبكات الضخمة منها مؤخراً إنتاج سوابق علمية في مجال التّعرف على الكلام Speech Recognition،  والتعرف على الوجوه Face Recognition، وذلك عبر تطبيقاتٍ عملية من شركات مثل غوغل وفيسبوك. لكن تصعب عمليات محاكاة الشبكة العصبية كهذه على الحواسيب التقليدية. فقد عملت تجربة غوغل، حيث قامت شبكة عصبية ضخمة بالتّعرف على القطط من خلال صور من موقع YouTube، على 16,000 معالج على مدار ثلاث أيام. صناعة شبكة عصبية بشكلٍ عمليّ اعتماداً على شريحةٍ قد يجعل هذا النوع من مُعالجة المعلومات ذو كفاءة استهلاك طاقة أعلى وعملي أكثر. هذا النوع قد يسمح للروبوتات النّقالة – على سبيل المثال – لتُصبح أكثر ذكاء.

تم سابقاً صناعة الشرائح المُستلهمة من الدماغ، أو كما تُدعى Neuromorphic، وتحاول شركة IBM تسويقها بشكلٍ تجاري. بشكل عام، لا تزال الشرائح عصبية البنية تُصنّع باستخدام الترانزيستورات السيلكونية والدارات الرقمية التي يُصنع منها معالج الحاسوب الاعتيادي. لكن هذه العنّاصر الرّقمية ليست مُعتادة على تقليد نقاط المشابك العصبية، وذلك كما يقول Dmitri Strukov، مساعد بروفيسور في جامعة كاليفورنيا والذي ترأس العمل على شريحة الممريستور الجديدة. نحتاج هنا إلى العديد من الدارات الرّقمية والترانزيستورات لتمثيل نقطة تشابك عصبي وحيدة. على عكس ذلك، يتم تمثيل كل من نقاط التشابك العصبية، التي يبلغها عددها التقريبي 100، في هذه الشريحة الجديدة باستخدام ممرستور واحد.

“المشبك الحيوي عبارة عن جهاز ذاكرة تماثلي Analog، ولا يوجد أي طريقة لتحقيق ذلك بطريقةٍ مُختصرة وبكفاءة طاقة مقبولة في التقنيات الاعتيادية،” كما يقول Strukov، ويتابع : “الممريستورات بذاتها هي أجهزة ذاكرة تماثلية، وهي التطابق الأمثل.”

كتب Robert Legenstein، مساعد بروفيسور في جامعة غراتز للتكنولوجيا في النمسا، تعليقاً على العمل: “إذا استطعنا تضخيم هذا التّصميم على شبكة كبيرة الحجم، ستؤثر على مستقبل الحوسبة: الحواسيب المحمولة، الهواتف النقالة والروبوتات قد تتضمن شرائح عصبية فائقة في انخفاض الطاقة التي تعالج بشكلٍ مظهري، سمعي، وأنواع أخرى من المعلومات.”

تم توّقع وجود الممريستورات بشكل رياضي في عام 1971 عبر العالم Leon Chua، بروفيسور في الإلكترونيات في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. وتم الإعلان عن العثور عليها في عام 2008، حيث صنع الباحثون في شركة Helwett-Packard HP أجهزة بسيطة حيث تقوم مقاومتها الكهربائية بترميز نوعٍ من المعلومات لتيار عبر من خلالها من قبل، كما توقع Chua. وجدت الأجهزة بشكل تلقائي اهتمام حول قدرة استخدامها كأجهزة تخزين بيانات بكثافة أعلى وجعل الأجهزة شبكات عصبية.

بدأت HP والشركة المصنعة للذواكر SK Hynix بالمُحاولة لتسويق تخزين البيانات بالممريستورات في 2010، تقول HP أن التقنية تستطيع الوصول إلى حد تغيير مفهوم المعماريات في الحواسيب. لكن إلى حد الآن، لم يستطيع أحد ابتكار شريحة شبكة عصبية مصنوعة من المممريستورات فقط، يقول Strukov. طور فريقه وسائل للتحكم بعملية جعل الممريستور قادر على إنتاج أجهزة أكثر اعتماداً التي تم صنعها من قبل، كما يقول.

إذاً، تمكن الفريق البحثي عبر عملهم الجديد من إثبات مبدأ علميّ، وهو إمكانية تشكيل شرائح إلكترونية عصبية البنية اعتماداً على الممريستورات، لكن يؤمن الباحثون أنه من المُمكن تضخيم التقنيات للحصول على أجهزة أكبر وأقوى. يقول Strukov أنه من الممكن مساعدة التقنية من جهود الشركات مثل Hp و SK Hynix اللتان تبذلان عدة محاولات لتسويق الممريستورات كأجهزة تخزين.

للإطلاع على الورقة البحثية التي نُشرت في مجلة Nature اضغط: هنا

المصدر: [MIT Technology Review]

للمزيد من المقالات حول الحوسبة عصبية البنية Neuromorphic Computing:

Michel Aractingi

طالب هندسة كهرباء في جامعة البلمند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى