قضايا علمية وهندسية

عشرة مفاهيم علمية يتمنى العلماء أن يتوقف استخدامها الخاطئ

خرجت العديد من الأفكار من نطاقها العلمي ودخلت إلى لغتنا اليومية – ولسوء الحظ يتم استخدامها تقريباً دائماً بشكلٍ خاطئ. تم سؤال مجموعة من العُلماء حول أكثر المُصطلحات العلمية التي برأيهم تُفهم بشكلٍ خاطئ، والمقال التالي يستعرض أبرز هذه المصطلحات وكيفية انتشارها على نحوٍ خاطئ.

الدليل – الإثبات Proof

يقول عالم الفيزياء شين كارول Sean Carrol:

“أستطيع أن أقول أن الدليل Proof هو المَفهوم الأكثر إساءةً للفهم في العلم، وللدليل تعريفٌ تقنيّ هو الإظهار المنطقي لكيفية الحصول على استنتاجاتٍ محددة لافتراضاتٍ معينة. هذا التعريف التقنيّ يَختلف بشكلٍ كبير عن كيفية استخدامه في النّقاشات العادية التي تتعامل مع الدليل على كونه أثرٌ قوي على شيءٍ ما. هنالك فرق بين ما يقوله العلماء وما يَسمعه الناس، لأن العُلماء يعتمدون على التّعريف عند استخدامهم للمُصطلح. وبناءً على ذلك التّعريف، العلم لا يُثبت شيء! فعندما يتم سؤالنا مادليلك أننا تطورنا من نوعٍ آخر؟ أو هل تَستطيع فعلاً إثبات أن تغيّر المناخ سببه النّشاط البشري؟ تكون إجابتنا همهمة وتفكيرٌ في كيفية ربط الاستنتاج بالفرضية، عوضاً عن أن نقول طبعاً نستطيع ذلك. حقيقة أن العلم لا يُثبت شيئاً، ولكن يقوم ببساطة بخلق نظريات قوية ومُنسجمة أكثر فأكثر عن العالم والتي تكون خاضعة دوماً للتطوير والتحديث هو أحد أهم النواحي التي تجعل العلم ناجحاً بهذا الشكل”.

النظرية Theory

لدى عالم الفيزياء الفلكية دايف جولدبرغ Dave Goldberg نظريةٌ حول كلمة نظرية Theory:

“يسمع عامة الشعب – بالإضافة إلى الأشخاص ذوي الأيديولوجيات الواحدة – كلمة نظرية ويساوونها مع فِكرة أو افتراض. نحن نعلم أفضل من ذلك. النّظريات العلمية هي أنظمة كاملة من الأفكار القابلة للاختبار، والتي تكون أيضاً قابلة للنقض، إما بالدليل المُتوفر أو بتجربةٍ يستطيع أحد ما أن يُجريها. إن أفضل النظريات – والتي أشمل ضمنها النّسبية الخاصة، الميكانيك الكمومي، والتطور – صمدت لمئة عام أو أكثر من التّحديات، إما من أشخاص يريدون أن يُثبتوا أنهم أذكى من آينشتاين، أو من أشخاص لا يحبون التّحديات الميتافيزيقية لنَظرتهم حول العالم. في النهاية النّظريات مرنة، ولكن لحدٍ مُعين. يمكن أن تكون النّظريات غير كاملة أو خاطئة في بعض التفاصيل المُحددة دون أن يؤدي ذلك إلى هدم النظرية بأكملها. نظرية التّطور نَفسها تبنت الكثير خلال السنوات ولكن ليس لدرجة أن تصبح مُختلفة كلياً. المُشكلة في عبارة مجرد نظرية هو أنها تُلمّح إلى أن النظرية العلمية الحقيقية هي شيءٌ صغير، وهي لست كذلك على الإطلاق”.

الشك الكمومي والغرابة الكمومي Quantum Uncertainty and Quantum Weirdness

يضيف غولدبرغ أن هناك فكرة أخرى تمّ تفسيرها بشكلٍ خاطئ، وحتى لدرجة أكبر من  مفهوم النظرية في العلم. وهي عندما يقوم الناس بتكييف المفاهيم الفيزيائية لأغراضٍ روحية:

“سوء الفهم هذا هو استغلالٌ للميكانيك الكمومي من قبل مجموعة معينة من الروحيين ومجموعات دعم الذات، وقد تلخص هذا الاستغلال من خلال الفيلم المَقيت ماذا نعرف بحق الـ*** What the Bleep do we Know. يمتلك الميكانيك الكمومي Quantum Mechanic – بشكلٍ شهير – مُعضلة قياس في جوهره، فعندما يقوم مُراقب بقياس مَوقعٍ أو عزم أو طاقة، فإن هذا سيؤدي إلى انهيار التّابع الموجي* بشكلٍ غير مُحدد (بالفعل أنا قمت بكتابة أحد أول الزوايا حول “ماهو مقدار الذكاء الذي يجب أن تمتلكه لتسبب انهيار تابع موجة”) ولكن مُجرّد كون الكون غير مُحدد لا يعني أنك أنت الذي تتحكم به. الأمر مَلحوظ – وبصراحة مُنبّه بالخطر – درجة ربط عدم التعيين الكمومي Quantum Uncertainty والغرابة الكمومية Quantum Weirdness في دوائرٍ مُعينة مع فكرة الروح أو تحكّم البشر بالكون أو أيٍ من العلوم الأخرى المُزيفة. في النهاية نحن مكونون من جُسيماتٍ كمومية (بروتونات، نترونات، الكترونات) ونحن جزء من الكون الكمومي. هذا أمر ظريف طبعاً ولكن ضِمن فكرة أن كل الفيزياء ظريفة كذلك”.

*التابع الموجي Wavefunction: التابع الموجي هو أحد المحددات الأساسية في المكيانيك الكمومي والواصفة لسلوك الجسيمات في المستويات الذرية وما دونها. بالنسبة لمعضلة القياس، فإن سببها الأساسي هو مبدأ الارتياب وعدم التعيين لهايزنبرغ، بالإضافة للقوانين الاحتمالية الأخرى التي تسود في الميكانيك الكمومي – المترجم.

التعلّم مقابل الفطرة Learned vs. Innate

تقول عالمة الأحياء التّطورية مارلين زوك Marlene Zuk:

أحد الاستخدامات الخاطئة والمُفضلة لدي هي فكرة كون سلوك ما مُكتسب أو فطري أو أي نسخةٍ من نسخ الطبيعة مقابل التربية. السؤال الأول الذي أتلقاه عندما أتحدث عن سلوكٍ ما هو حول كونه وراثيّ أم لا، وذلك سوء فهم، لأن جميع الخِصال هي نتيجة دخلٍ من المُورثات ودخل من البيئة. فقط الفرق بين الخِصال، وليس الخصلة نفسها، قد تكون وراثية أو مُكتسبة – مثلاً عندما يكون لديك توأمين مُتطابقين نشأوا في بيئاتٍ مُختلفة ويقومون بشيءٍ مُختلف (كالتّحدث بلغاتٍ مُختلفة)، فالفرق هنا هو مُكتسب، ولكن القدرة على التّحدث بالفرنسية أو الإيطالية أو أي لغةٍ أخرى ليس خصلة مكتسبة بشكلٍ كليّ، لأن ذلك – أي القدرة على التحدث بأي لغة – يتطلب وجود خلفية وراثية مُحددة ليتمكن الشخص أساسًا من التحدث”.

طبيعي Natural

عالم الأحياء الصناعية تيري جونسون Terry Johnson مُنزعج كثيراً من فهم الناس الخاطئ لهذه الكلمة:

“تُستخدم كلمة طبيعي في العديد من السياقات لتحمل معاني مُختلفة، لدرجة أنه أصبح من الصعب تفسيرها. الاستخدام الأساسي لكلمة طبيعي هو لتمييز ظاهرةٍ ما موجودة فقط بسبب الوجود البشري، عن الظاهرة التي لا تتعلق به، بالإضافة للافتراض أن البشر بطريقةٍ ما مُنفصلين عن الطبيعة وأن عملنا غير طبيعي عندما يتم مُقارنته مع القنادس أو النحل. عند التحدث عن الطعام فإن كلمة طبيعي زئبقية أكثر من ذلك. فلها دلالاتٌ مُختلفة بحسب البلدان، وفي الولايات المتحدة قامت هيئة الغذاء والأدوية FDA بتحديد تعريفٍ واضح للطعام الطبيعي (بشكل قريب من عضوي، مُصطلح غامض آخر). في كندا أستطيع تسويق الذُرة على كونها مُنتجًا طبيعيًا إذا تجنبت إضافة أو أخذ أشياء مُختلفة قبل بيعها، ولكن الذرة نفسها هي نتيجة آلاف السنين من الانتقاء البشري من نبتة لم يكن من الممكن أن توجد لولا التدخل البشري”.

المورثة Gene

لدى العالم جونسون خوفٌ أكبر حول استخدام كلمة مورثة:

“تطلب الأمر 25 عالمًا وعملٍ متواصل لمدة يومين من أجل الوصول لمنطقةٍ قابلة للتعيين من السلسلة الوراثية مقابلة لوحدة وراثة والتي يتم ربطها مع مناطق مُنظمة ومناطق مكتوبة أو\و مناطق سلاسل وظيفية أخرى، أي أن المُورثة هي جزءٌ مُتقطع من الحمض النووي التي نستطيع أن نشير إليها ونقول هذه تقوم بأمر ما أو تُنظم صنع شيءٍ ما. هذا التعريف لديه بعض التذبذب حيث لم يمضِ وقتٌ طويل على اعتقادنا أن مُعظم حمضنا النووي لا يقوم بأي شيء. أطلقنا عليه اسم الحمض النووي غير المهم، ولكن نحن نكتشف الآن أن جزء كبير من ذلك الكم غير المهم له غايات لم تكن ظاهرةً في البداية. يتم عادةً سوء فهم كلمة مورثة عندما يتم رفقها بمفهوم مسؤوليتها عن أمرٍ ما. هناك مشكلتان مع هذا الأمر؛ كلنا نملك جيناتٍ مسؤولة عن الهيموغلوبين، إلا أننا لا نصاب جميعاً بمرض فقر الدم المنجلي. يملك الأشخاص نُسخاً مختلفة من مورثة الهيموغلوبين تدعى الأليلات. هناك أليلات للهيموغلوبين مرتبطة بأمراض فقر الدم المنجلي، وأخرى ليس لها علاقة، وبالتالي، المورثة تُمثل عائلةً من الأليلات، وفقط أفراد قليلة من هذه العائلة – إن وجدت – يتم ربطها مع الأمراض أو الاضطرابات. المورثة ليست شيئًا سيئًا، لن تستطيع العيش بدون هيموغلوبين – على الرغم من كون نسخة الهيموغلوبين التي تملكها تعاني من بعض المشاكل. أقلق غالباً من تعميم فكرة ربط الاختلاف الوراثي مع شيءٍ ما، كون المورثة مسؤولة عن ذلك الشيء. تقترح الصياغة أن هذه المورثة تُسبب أمراض القلب، بينما الواقع هو غالباً أن الأشخاص الذين يملكون هذا الأليل لديهم احتمالية أعلى للإصابة بأمراض القلب، ولكننا لا نعلم لماذا وربما هناك حسنات مُعوضة لهذه الأليل لم نلاحظها لأننا لم نكن نبحث عنها”.

ذات دلالة إحصائية Statistically Significance

يريد عالم الرياضيات جوردان إلنبرج Jordan Ellenberg تصحيح المفهوم حول هذه الفكرة:

“يتمنى العلماء لو يتمكنوا من استرجاع عبارة ذات دلالة إحصائية وإعطائها صياغةً مختلفة. عبارة ذات دلالة توحي بالأهمية؛ ولكن اختبار الدلالة الإحصائية الذي قام بتطويره الإحصائي البريطاني R.A. Fisher لا يقيس أهمية أو حجم أثرٍ ما، وإنما فقط إمكانية التعرف عليه باستخدام أدواتنا الإحصائية. مُلاحظ إحصائياً أو مُدرك إحصائياً ربما كانت عباراتٍ أفضل بكثير”.

البقاء للأصلح Survival of the Fittest

تقول عالمة الأحفوريات جاكلين جيل Jacquelyn Gill أن الناس تُسيء فهم بعض المبادئ الأساسية لنظرية التطور:

“يترأس قائمتي عبارة البقاء الأصلح. بدايةً هذه ليست كلمات داورين، وثانياً لدى الناس سوء فهم حول معنى كلمة أصلح. أيضًا وضمن نفس السياق، هنالك خلطٌ كبير حول التطور بشكل عام، من ضمنه الفكرة المُلّحة أن التطور تقدّمي ومُباشر (أو حتى مُتعمد من قبل الكائن الحي؛ لا يفهم الناس فكرة الاصطفاء/الانتخاب الطبيعي Natural Selection)، أو تَكيّف الصفات (الانتقاء الجنسي هو أمر والطفرات العشوائية أمر آخر!)”.

الأصلح لا تعني الأقوى أو الأذكى. إنها تعني ببساطة أن كائن حي يُناسب بيئته بأفضل شكلٍ ممكن، وقد تعني كونه الأصغر أو الأمرن أو الأكثر سمومية أو حتى الأقدر على العيش بدون ماء لعدة أسابيع. بالإضافة إلى أن الكائنات لا تتطور دائماً بطريقةٍ نستطيع وصفها بأنها تكيّف. قد يتعلق مسارها التطوري بطفراتٍ عشوائية أو صفات يراها أفراد صنفها أنها جذابة.

الجداول الزمنية الجيولوجية Geologic Timscales

تتابع جاكلين جيل توضيحاتها حول المفاهيم العلمية الخاطئة، حيث يتمحور عملها حول البيئات في العصر البلايستوني Pleistocene قبل 15،000 عام أنه يرعبها الفهم الخاطئ للناس حول الجداول الزمنية للأرض:

“أحد القضايا التي تتكرر معي هي قلة فهم العامة للجداول الزمنية الجيولوجية. كل الأمور ما قبل التاريخية يتم ضغطها في أذهان الناس ويعتقدون أنه قبل 20،000 عام كان لدينا أصناف مُختلفة من الكائنات (كلا!)، أو حتى ديناصورات (كلا ثم كلا ثم كلا). ويبدو أن تلك الأنابيب البلاستيكية الألعاب التي تحوي ديناصورات وغالباً رجال كهف وماموثات لا تساعد في الأمر”.

عضوي Organic

تقول عالمة الحشرات جوين بيرسن Gwen Pearson أن هنالك كوكبة من المُصطلحات التي تستخدم دومًا مع كلمة عضوي، مثل خالٍ من المواد الكيميائية و طبيعي. وقد سئمت من الفهم الخاطئ لتلك المصطلحات:

“أنا مُتضايقة بشكلٍ أقل أنهم تقنياً مُخطئين، بالرغم من كون جميع الغذاء عُضوي لأنه يحتوي الكربون..إلخ. ما يُقلقني هو طريقة استخدام هذه المصطلحات لصرف وتقليل الاختلافات في الغذاء وإنتاج المنتجات. يمكن للاشياء أن تكون طبيعية وعضوية وخطرة بنفس الوقت، ويمكن كذلك للأشياء أن تكون صُنعية ومُصنّعة ولكن آمنة، وأحياناً قد تشكل خياراتٍ أفضل”.

المصدر: [io9]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى