علوم الالكترونيات

مدخل إلى التعديل Intro to Modulation

كثيراً ما نسمع في حياتنا اليومية بعبارات FM أو AM، التي تقترن في أذهاننا بالراديو في المنزل والسيارة. إلا أننا نادراً ما نسأل أنفسنا عن معنى هذه الكلمات التي بتنا نستخدمها منذ عقودٍ طويلة من دون فهم دقيق لمعناها.
FM هي اختصار لـ Frequency Modulation أي التّعديل الترددي. وAM هي اختصار لـ Amplitude Modulation أي التعديل المطالي. المشترك في هذين المُصطلحين هو مفهوم التّعديل. سوف نتعرض في هذا المقال إلى هذا المفهوم بشكلٍ بسيط لتوضيح العديد من التفاصيل المتعلقة بآلية عمل أنظمة الاتصالات اللاسلكية.

تعاريف أساسية

لا بد قبل الخوض في معنى التعديل تقديم بعض التعاريف الأساسية المشمولة في هذه العملية:
1- إشارة المعلومات Information Signal: هي الإشارة التي نريد إرسالها. فمثلاً صوت الإنسان هو عبارة عن إشارة معلومات يتم نقلها عبر شبكة الهاتف الأرضي أو المحمول إلى الوجهة، وهي إشارة عشوائية، بمعنى أننا لا نستطيع معرفة كيفية تغيرها مع الزمن.
2- إشارة التعديل Modulating signal: وهي إشارة حتمية، أي أننا نعرف خصائصها وكيفية تغيّرها مع الزمن. غالباً ما تكون هذه الإشارة ذات تردد عال وهي أساسية في عملية التّعديل.
3- مجال النقل القاعدي Base Band: وهو المجال الذي يتم نقل إشارة المعلومات فيه دون عملية التعديل.
4- مجال التمرير Pass Band: وهو المجال الذي يتم نقل فيه إشارة المعلومات بعد إجراء عملية تعديل أو ترميز.

الغاية من التعديل

1- الحصول على أبعاد معقولة لهوائيات الإرسال: كي نستطيع إرسال الإشارة بشكلٍ جيد يجب أن يكون طول هوائي الإرسال يساوي تقريباً 1/10 من طول الموجة المُرسلة. لنفترض أننا نريد إرسال إشارة صوتية ترددها 100 هرتز، عندئذ يكون طول الموجة:

wavelenght_4electronحيث أن:
C: سرعة الموجة الكهرطيسية وتساوي سرعة الضوء بالخلاء.
λ: طول الموجة.
f: تردد الموجة.
وبهذا يلزمنا هوائي طوله 300 كلم كي نستطيع إرسال الموجة بشكلٍ جيد.
هنا تكمن فائدة التعديل، حيث نقوم بتحميل إشارة المعلومات الصوتية على إشارة تعديل ذات تردد عالٍ وبالتالي ذات طول موجة قصير، فنحصل بذلك على أبعاد معقولة لهوائيات الإرسال.

2- استخدام القناة لنقل عدة إشارات بنفس الوقت، ويطلق على هذه العملية اسم التضميم Multiplexing.

3- الحصول على توازن أفضل بين استطاعة الإشارة التي نريد إرسالها ونسبة الإشارة إلى الضجيج SNR.

تعريف التعديل Definition of Modulation

والآن بعد مقدمة بسيطة عن هذين المفهوهين نستطيع البدء في توضيح معنى التعديل.

التعديل هو عملية يتم فيها تحميل إشارة المعلومات ذات التّردد المُنخفض على إشارة حامل ذات تردد مُرتفع، بحيث يتم جعل أحد بارمترات (محددات) إشارة الحامل يتغير مع التغير اللحظي لإشارة المعلومات. (البارامترات الأساسية للإشارة هي المطال والتردد والزاوية). عملية التحميل تتم عملياً عبر ضرب الإشارتين في المَجال الزمنيّ، وتتم هذه العمليات عبر داراتٍ إلكترونية تعتمد في بنيتها على نوعٍ خاص من الدارات والبوابات المنطقية تدعى “المضممات Multiplexers”.

كيف يتم إجراء التعديل؟

كيف يمكن أن نحمل إشارة على أخرى عبر عملية ضرب؟ هذا ما سوف نوضحه في الفقرة التالية.

إن أحد المفاهيم الأساسية المستخدمة في فهم ودراسة وتحليل آليات تعديل الإشارات هي تحويل فورييه. تحويل فورييه هو أداة رئيسية لدراسة الخواص الترددية للإشارات. فهو ينقل الإشارة من المستوى الزمني إلى المستوى الترددي. للتوضيح أكثر، فإنه عند تسجيلنا لإشارة صوتية بسيطة، سنحصل على منحني يوضح كيف يتغير شكل الإشارة (مطالها) مع الزمن. ميزة تحويل فورييه أن يسمح لنا بالتعامل مع تردد الإشارة بدلاً من مطالها، وإجراء العمليات والمعالجات المطلوبة على تردد الإشارة بدلاً من المطال. الأهمية الأخرى لتحويل فورييه أنه يقابل عملية الضرب في المستوى الزمني بعملية رياضية تسمى بالطيّ Convolution. رياضياً يتم التعبير هن هذه الفكرة بالشكل التالي:

Convolution_4electron:حيث أن

x(t) تحويل فورييه للإشارة الزمنية X(f)

v(t) تحويل فورييه للإشارة الزمنية V(f)

(*) الرمز الرياضي لعملية الطيّ

ملاحظة بسيطة: أثناء التعامل مع الرموز الرياضية الممثلة للإشارات، يتم استخدام الأحرف الأبجدية الصغيرة من أجل التعبير عن الإشارات الأصلية، والأحرف الأبجدية الكبيرة من أجل التعبير عن تحويل فورييه الممثل لها. هذا يعني أنه إذا كانت لدينا الإشارات x و v، فإن تحويل فورييه لها سيكون X و V. سنعتمد على هذه الرموز المختصرة فيما يلي من المقال.
vwx
في الشكل السابق، نرى تمثيلاً بيانياً لكل من الإشارتين V و X. إن ضرب هاتين الإشارتين في المجال الزمني يُكافىء، كما ذكرنا، طي الإشارتين في المجال التّرددي. كتعبيرٍ مجازي لفهم عملية الطيّ، لنتخيل أننا نقوم بطي المحور الأفقي من المنتصف بحيث تنطبق النقطة: f=∞ مع النقطة f=0 وبالتالي يتم تراكب كل من الإشارتين V و X. وتتحقق عملية “التحميل” التي تحدثناعنها سابقاً باعتبار v هي إشارة الحامل و x هي إشارة المعلومات. بكل الأحوال، سنقوم بتوضيح هذه النقطة لاحقاً عندما نتحدث عن تفاصيل عمليتي التعديل المطالي والترددي.

أنواع التعديل

يقسم التعديل إلى [2]:
1- تعديل تماثلي Analog Modulation: وفيه تكون إشارة المعلومات إشارة تماثلية. وينقسم إلى:
1-1 تعديل مستمر: وفيه تكون إشارة الحامل مستمرة: وينقسم أيضاً إلى:
تعديل خطي: وفيه تتناسب الإشارة المستقبلة مع المرسلة خطياً. يتميز هذا النوع من التعديل بالسهولة في تمييز إشارة المعلومات حيث يكون غلاف الاشارة المُعدًلة هو شكل اشارة المعلومات. من أنواعه: AM, DSB, SSB.
تعديل زاوي: تتسم بالصعوبة في تمييز الإشارة المستقبلة. ولكن الدارات الإلكترونية المستعملة فيها بسيطة نظراً لأن استطاعة الإرسال ثابتة. من أنواعها: PM و FM.
1-2 تعديل نبضي: وفيه تكون إشارة الحامل إشارة رقمية، حيت يتم الإرسال في أوقات متقطعة.
2- التعديل الرقمي: وتكون اشارة المعلومات رقمية
– تعديل مستمر: وفيه تكون إشارة الحامل إشارة رقمية.. من أنواعه: ASK, PSK, FSK.
– تعديل نبضي: وفيه تكون إشارة الحامل إشارة رقمية.

أمثلة بسيطة: كيف يمكن أن نفهم أنواع التعديل؟

إذاً، وكما وضحنا في المقال، يعتمد مفهوم التعديل على تحميل إشارة المعلومات (المطلوب إرسالها عبر نظام الاتصالات) على إشارةٍ خاصة هي إشارة الحامل. بالمبدأ البسيط، فإن عملية تحميل إشارة المعلومات على إشارة الحامل تعتمد على “تعديل” أحد الخواص الثلاثة الأساسية لأي إشارة:

  • المطال (السعة) Amplitude
  • التردد Frequency
  • فرق الصفحة (الزاوية) Phase

واعتماداً على الخواص الثلاثة السابقة، فإن أشهر أنماط التعديل التي نسمع بها بالحياة اليومية هي: التعديل المطالي AM: Amplitude Modulation والتعديل الترددي FM: Frequency Modulation والتعديل الزاوي PM: Phase Modulation. ولكن ماذا يعني كل منهم؟ من أجل تجنب الشرح الطويل، ونظراً لكوننا نسعى لتوضيح تفاصيل كل نوع من أنواع التعديل في مقالاتٍ مقبلة، فإننا وعبر هذا المقال سنقوم بعرض صورة بسيطة لمبدأ التعديل الترددي حيث سنلاحظ:

    1. إشارة المعلومات الأصلية (قبل التعديل).
    1. إشارة الحامل (التي يتم تحميل إشارة المعلومات عليها).
  1. الإشارة الناتجة (حسب طريقة التعديل المتبعة. هذه الإشارة هي التي يتم إرسالها عبر نظام الاتصالات).

بحالة التعديل الترددي، فإن الإشارة المرسلة عبر نظام الاتصالات ستتميز بكونها إشارة ذات ترددٍ أعلى من الإشارة الأصلية، وذلك بسبب تحميلها على إشارة حامل ذات ترددٍ كبير، وهو ما تظهره الصورة البسيطة التالية (اضغط على الصورة لتكبيرها ومشاهدتها بالحجم الكامل):

الآن، وبمعرفة أن التعديل المطالي يركز على تعديل مطال (سعة) إشارة المعلومات المراد إرسالها، يمكننا أن نتوقع أن عملية التعديل على الإشارة تعني بشكلٍ أكيد تغيراً في مطالها (سعتها). بشكلٍ مختصر، فإن الصورة التالية تظهر وببساطة ماذا يعني كل من تعديل مطال الإشارة (سعتها) وترددها بالمقارنة مع الإشارة الأصلية:

Modulation_4electron_summary

إلى هنا يكون مقالنا المتعلق بمفهوم التعديل ومبادئه الأساسية قد انتهى. في المقالات المقبلة سنعمل على الخوض أكثر بتفاصيل التعديل وأنواعه المختلفة وتطبيقاتها في الحياة اليومية.

المراجع:

[1] COMMUNICATION SYSTEMS, An Introduction to Signals and Noise in Electrical Communication, FOURTH EDITION, A. Bruce Carlson, Rensselaer Polytechnic Institute, Paul B. Crilly, University of Tennessee, Janet C. Rutledge, University of Maryland at Baltimore, Chapter 1, Introduction, Modulation and Coding.
[2] محاضرات في أسس هندسة الاتصالات ل د. شاهين لطلاب السنة الثالثة لهندسة الإلكترونيات والاتصالات في العام الدراسي 2014-2015، كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، جامعة دمشق.

للمزيد من المقالات حول الاتصالات وأنظمة الاتصالات:

مقدمة في أنظمة الاتصالات

كتاب: أساسيات الاتصالات

للمرة الأولى: إرسال واستقبال الإشارات اللاسلكية، بنفس التردد وبنفس الوقت!

تضمين المزيد من الإشارات لأجهزة الاتصالات اللاسلكية منخفضة الطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى