علوم الحاسب

ما بعد قانون مور: الحصول على الحواسيب النانوية

قام فريق بحثي مُتخصص من العلماء و المهندسين، من شركة MITRE و جامعة هارفرد بإحداث تطورات و خطوات هامة تجاه تصنيع أنظمة حاسوبية الكترونية فائقة الصغر، و التي ستحدث تقدماً كبيراً يتجاوز قانون مور في المعالجات و الحواسيب، حيث ينص قانون مور على أن كثافة و قدرة المُعالجة للحواسيب تتضاعف كل سنتين تقريباً. و شرح الفريق البحثي كيف تمكنوا من تصنيع حاسوب فائِق الصغر بتقنية البناء من الأسفل للأعلى(**) Bottom-up في ورقة بحثية ستنشر في مجلة Proceedings of the National Academy of Science. كما ذكر الفريق أن نظامهم الجديد هو أصغر و أكثف نظام الكتروني نانوي تم بنائه حتى الآن.

المعالج الفائق في الصغر، و المتميز بطاقة منخفضة جداً – تدعى أيضاً في مجال الالكترونيات النانوية بـ ” الآلة محدودة-الحالة النانوية أو nanoFSM:Finite-State Machine Nanoelectronics” – أصغر من أبعاد الخلية العصبية البشرية، و هو يتكون من مئات من ترانزستورات الأسلاك النانوية، و كل ترانزستور أرفع بعشرات آلاف المرات من الشعرة البشرية.

ترانزستورات الأسلاك النانوية Nanowires Transistors تستهلك طاقة منخفضة جداً كونها تتميز بأنها “غير مُتقلبة nonvolatile” أي أن كل ترانزستور يمتلك القدرة على الاحتفاظ بحالته، سواء كانت تشغيل On أو إيقاف Off، حتى لو لم يتم تطبيق طاقة كهربائية عليه.

و ضمن أنظمة nanoFSM، يتم تجميع و تنظيم الترانزستورات (و التي تشكل فعلياً مفاتيح الكترونية) ضمن رقاقات متعددة، و تقوم هذه الرقاقات Tiles مع بعضها البعض بإرسال الإشارات الالكترونية ضمن النظام الحاسوبي الكامل، بكيفية تسمح له بإجراء العمليات الحسابية و معالجة إشارات قد تستخدم للتحكم بالأنظمة الدقيقة و الصغيرة، مثل الأجهزة العلاجية الطبية الدقيقة، و الحساسات الصغرية، و حتى الروبوتات صغيرة الحجم، التي تعادل حجم الحشرة.

في عام 2011، قام الفريق البحثي المشترك (بين شركة MITRE و جامعة هارفرد) بتطوير رقاقة صغرية وحيدة قادرة على تنفيذ عمليات منطقية بسيطة. و في عملهم المشترك الأخير، قام الفريق بدمج عدة رقاقات ضمن شريحة واحدة لإنتاج أول حاسوب نانوي معقد و قابل للبرمجة.

” لقد كان تحدياً قيامنا بتطوير معمارية جديدة و تصاميم دارات نانوية قد تقوم بحشد الوظائف التحكمية التي نرغب بها في مثل هكذا نظام صغري و دقيق “. كما يقول شاميك داس، مصمم رئيسي للحاسوب النانوي، و أحد المهندسين الرئيسيين في مجموعة شركة MITRE الخاصة بالأنظمة النانوية.

” كنا نمتلك أحد تلك التصميمات، و على الرغم من ذلك، فإن شركاؤنا في جامعة هارفرد قد قاموا بعمل مبدع و متقدم كي نستطيع تحويل هذه التصاميم لواقع ملموس “. كما يقول شاميك داس.

إن عملية بناء هذه الحواسيب النانوية أصبحت ممكنة بفضل تطورات هامة في عمليات المعالجة التي تقوم بتجميع – بدقة عالية – مصفوفات نانوية كثيفة، من مختلف الأجهزة النانوية المرغوبة. هذه التطورات قد أدت أيضاً لإمكانية تصنيع عدة نسخ من أنظمة nanoFSM، عبر استخدام طريقة جديدة كلياً، سمحت للمرة الأولى بتجميع الأنظمة النانوية المعقدة من الأسفل للأعلى بشكل مطابق تماماً للتصاميم المسبقة، و بالمقارنة مع الطرق الحالية لتصنيع مثل هكذا أنظمة مُسبقة التصميم، فإن طريقة الطباعة الحجرية Lithography التي تعتمد على البناء من الأعلى للأسفل، تعتبر مكلفة جداً و لا تمتلك الإمكانيات الدقيقة المطلوبة لبناء مثل هكذا أنظمة نانوية معقدة.

لهذا السبب، فإن أنظمة nanoFSM تمثل خطوة للأمام باتجاه توسيع المفهوم الاقتصادي المستمر منذ خمسة عقود (أي قانون مور) و المتمثل بالنزعة نحو تصغير الأنظمة الالكترونية، و الذي كان أساساً للصناعة الالكترونية طوال الفترة الماضية.

و بسبب المحدودية في طرق التصنيع التقليدية* (أي المعتمدة على تقنية الطباعة الحجرية Lithography) للأنظمة الالكترونية، فإن العديد من الخبراء الصناعيين اقترحوا أن قانون مور في طريقه للنهاية ضمن الوقت المنظور. و أكد بعض الخبراء أن هذا الأمر قد يحدث في فترة قصيرة جداً لا تتجاوز السنوات الخمس المقبلة، و سيكون له آثار اقتصادية سلبية، إلا في حال تم إحداث تطويرات جديدة في كل من: الأجهزة و الأنظمة المصنعة، و التقنيات المستخدمة في التصنيع، مثل تلك التي تم صنعها باستخدام تقنيات و أنظمة nanoFSM.

المصدر: موقع Phys.org

للاطلاع على البحث: اضغط هنا

للمزيد حول دور التقانة النانوية والأنظمة النانوية بتخطي قانون مور: اضغط هنا

توضيحات حول مصطلحات المقال:

(*) – الطباعة الحجرية Lithography: تعتبر تقنية الطباعة الحجرية أحد التقنيات الأساسية المستخدمة في صناعة الدارات الالكترونية و المعالجات الحاسوبية، و تعتمد هذه الطريقة على تصغير التصميم المطلوب باستخدام الأشعة الضوئية (ممكن باستخدام الأشعة الالكترونية و الأشعة فوق البنفسجية أيضاً) من خلال تمريره ضمن عدسات مصغرة، و من ثم صب المواد المطلوبة ضمن القالب المشكل، للحصول على الدارة أو النظام الالكتروني المطلوب، و هذه الطريقة تعتبر أهم معالم تقنيات البناء من الأعلى للأسفل Top-Down Approach.[المترجم]

(**) – البناء من الأسفل للأعلى Bottom-up-Approach: مع ظهور تقانة النانو في سبعينيات القرن الماضي، و تطور مبادئها و تقنياتها، بدأ يظهر مفهوم جديد في الصناعة و تجميع المواد للحصول على الأجهزة و الأدوات الالكترونية، وهو مفهوم البناء “من الأسفل للأعلى” الذي يعتمد على تجميع المواد بأبعاد صغيرة جداً (من رتبة النانومتر) و ربطها مع بعضها البعض بالتتابع، للوصول للنظام أو الجهاز الكلي، و عبر هذه الطريقة، يمكن الحصول على أجهزة بمواصفات لا محدودة (نظرياً) كون الجهاز أو النظام المراد الحصول عليه، يتم تجميعه بدءاً من مواد البناء الخام الأساسية في المستوي النانوي و الذري.[المترجم]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى