علوم الحاسب

ما هو السيليكون؟ ولماذا يستخدم في صناعة الرقاقات الحاسوبية؟

تتمركز حالياً العديد من الأبحاث الخاصة بمجال علوم الحاسوب على كيفية إيجاد بديل للـ “سليكون Silicon” التي تعتمد عليها الصناعة الحالية من أجل صنع الرقاقات الحاسوبية Computer Chips المختلفة، من معالجاتٍ صغرية Microprocessors، إلى الذواكر المختلفة، وحتى العديد من أنماط الدارات المتكاملة المختلفة، التي تستخدم في اللوحات الإلكترونية.

بكل الأحوال، فإننا يجب أن نتعامل مع السليكون بشيءٍ من الاحترام، فقبل الحديث عن استبداله بموادٍ جديدة، أو اعتماد أسسٍ جديدة للصناعة الحاسوبية نبعد فيها السليكون عن الواجهة، أليس علينا أن نتعرف عليه وعلى الدور الهائل الذي كان – ولا يزال – يقدمه للصناعة الحاسوبية؟ إذاً، فلنتعرف على السليكون بشيءٍ من التفصيل، ولنتعرف على سبب أهميته الكبيرة وسبب اعتماده كمادةٍ خام أساسية في الصناعة التقنية والحاسوبية.

مقدمة: السليكون كعنصرٍ كيميائي Intro: Silicon as a Chemical Element

السليكون هو أحد العناصر الكيميائية الأساسية، وهو العنصر رقم “14” في الجدول الدوري لتصنيف العناصر الكيميائية، حيث يمتلك عدداً ذرياً Atomic Number مقداره 14، أي أن ذرة السليكون تمتلك 14 بروتون في نواتها، أو 14 إلكترون في مداراتها (أنتم تتذكرون أن عدد البروتونات في النواة هو نفسه عدد الإلكترونات في المدارات…صحيح؟). لو قمنا بإضافة بروتون إضافي للسليكون لحصلنا على عنصر الفوسفور، ولو قمنا بإزالة بروتون واحد منه لحصلنا على عنصر الألمنيوم. السليكون عنصر كيميائي رباعي التكافؤ Tetravalent، بمعنى أنه يمتلك أربعة إلكترونات حرة يستطيع عبرها أن ينشئ روابط إلكترونية مع العناصر الأخرى. رمز السليكون في الجدول الدوري للعناصر الكيميائية هو Si. بالنسبة للخصائص الكيميائية، فإننا سنتوقف عند هذا الحد (هذا ما يهمنا في الواقع) ولا يوجد داعي للخوص بالتفاصيل المتعلقة بنصف قطر فاندرفالس لنواة السليكون، أو طاقات التأين الخاصة به.

14-Silicon-Tile
رمز السليكون في الجدول الدوري للعناصر الكيميائية

من المهم أن نتملك معلومة هامة تتعلق بالسليكون: إنه أكثر العناصر وفرةً في القشرة الأرضية بعد الأوكسجين! حيث يُشكّل السليكون ما نسبته 28% من النسبة الكلية لكتلة القشرة الأرضية (نحن نتحدث عن قشرة الأرض، أي الطبقة السطحية الأولى من طبقات الأرض، وليس طبقاتها الداخلية أو غلافها الجوي أو أي شيء آخر). في الواقع، فإن السليكون لا يتواجد بوفرةٍ في القشرة الأرضية فقط، بل إنه وافر جداً بالكون، حيث تشير التقديرات إلى أن السليكون هو ثامن أكثر عنصر وفرةً بالكون! لو أخذنا كل العناصر والمركبات التي يدخل السليكون بتركيبها، فإنها تشكل قرابة 90% من كتلة القشرة الأرضية.

السليكون كوحدات بناء Silicon as a Building Blocks

من بين المميزات العديدة التي يتمتع بها السليكون، تأتي هذه الميزة بالمقام الأول: الوفرة الكبيرة والهائلة للسليكون كما ذكرنا سابقاً. وعلى الرغم من التواجد الكبير للسليكون ضمن القشرة الأرضية، فإننا لن نتوقع منكم أن تجدوه بهذه السهولة، وذلك لأن السليكون – تقريباً – لا يتواجد بحالته النقية في الطبيعة، بل يتواجد ضمن مركباتٍ كيميائية أخرى، مثل السليكات Silicate، وهو رباعي أوكسيد السليكون SiO4، أو السيليكا Silica، وهو ثنائي أكسيد السليكون Silica. بالنسبة لهذا المركب الأخير (أي السيليكا)، فإنه من المهم أن نعرف أنه أحد المكونات الأساسية للرمل. بكل الأحوال، يوجد العديد من المركبات الطبيعية الأخرى التي يتواجد فيها مركبات تعتمد على السليكون والأوكسجين، مثل الغرانيت والكوارتز.

تمتلك مركبات السليكون العديد من الخواص التي يمكن الاستفادة منها، وذلك بسبب قدرتها على إنشاء روابط مع ذرات أخرى بسهولةٍ شديدة، وضمن ترتيباتٍ متنوعة ومعقدة. العديد من مركبات السليكات (مثل سليكات الكالسيوم) تشكل اللبنات الأساسية لتكوين اسمنت بورتلاند Portland Cement، والجص. يمكن لبعض المركبات الغنية بالسليكات أن يتم تسخينها من أجل تشكيل السيراميك الصلب، مثل البورسلان، بينما يمكن لبعضها الآخر أن يتم صهره من أجل تشكيل النمط الأساسي من الزجاج المستخدم عالمياً. يمكن أيضاً أن يتم استخدام السليكون كمركبٍ إضافي لركائز أخرى مثل الحديد الصب، والذي يعتمد على الكربون والسليكون للحصول على مرونةٍ أكبر، وهشاشة أقل.

السليكون كرقاقةٍ حاسوبية Silicon as a Computer Chip

قبل الحديث عن السليكون ودوره في الصناعة الحاسوبية وصناعة الرقاقات الحاسوبية، يجب علينا معرفة بعض الأمور حول الرقاقات الحاسوبية نفسها وحول الدارات المتكاملة.

بدايةً، فإن العنصر الأساسي الذي يتم صنع أي دارة متكاملة منه هو الترانزستور، وبغض النظر عن درجة تكامل الدارة المتكاملة نفسها (أي عدد الترانزيستورات على الشريحة)، فإن الترانزيستور يبقى المكون الأساسي الذي تصنع منه الدارة المتكاملة، بدءاً من الدارات المتكاملة البسيطة ومنخفضة درجة التكامل، وصولاً للدارات المتكاملة المعقدة عالية درجة التكامل، مثل الرقاقات والمعالجات الحاسوبية. بالطبع، فإن بنية المعالج الحاسوبي الداخلية ليست مجرد ترانزيستورات موصولة ببعضها البعض، بل يتم تجميع الترانزيستورات وفقاً لأسس المنطق الرقميّ كي تقوم بتنفيذ وظائف منطقية وحاسوبية محددة، فبعضها يتم تجميعه من أجل تشكيل دارات الجمع والطرح والضرب والقسمة (التي تعتمد على دارات المنطق التركيبي Combination Logic)، وبعضها الآخر يتم تجميعه لتشكيل دارات الذواكر (التي تعتمد على المنطق الرقمي التتابعي Sequential Logic)، وضمن كل نمط من هذه الأنماط المنطقية يوجد العديد من التشكيلات وأنماط الدارات (مثل القلابات، المسجلات، دارات الجمع، دارات الطرح…الخ)، ولكنها كلها تتكون أساساً من نفس العنصر الإلكتروني: الترانزيستور.

الآن، ومن أجل اختيار العنصر الملائم من أجل تكوين الترانزيستورات ضمن الرقاقات والدارات المتكاملة، فإنه علينا أن نأخذ بعين الاعتبار عامل أساسي وهام: المقاومة Resistance. وكما نعلم، فإن المواد في الطبيعة توجد ضمن نمطين أساسيين: النواقل Conductors وعوازل Insulators، بالإضافة للنمط الثالث الهجين بينهما وهو أنصاف النواقل Semiconductors. بالنسبة للنواقل، فإنها تمتلك قيمة منخفضة للمقاومة الكهربائية بحيث يعبر التيار الكهربائي فيها بسهولة. بينما بالنسبة للعوازل، فإنها تمتلك قيمة عالية للمقاومة الكهربائية مما يسبب إعاقة كبيرة لمرور التيار الكهربائي ضمنها. بالنسبة للترانزيستور، ومن أجل الحصول على ميزته الأساسية التي تمكن في القدرة على الفتح (الوصل) والإغلاق (الفصل) وبسرعة، فإننا لن نستطيع الاستفادة من النواقل، كونها تتواجد دوماً بحالة “وصل”، أو العوازل، كونها تتواجد دوماً بحالة “فصل”. نحن بحاجة لمادة تستطيع أن تعمل بكلا النمطين، وهنا يكون الحل باستخدام مادةٍ نصف ناقلة (شبه موصلة). الميزة الأساسية لأنصاف النواقل أنها تمتلك قيمة مقاومة كهربائية تقع في المجال ما بين الناقلية والعازلية، بحيث يمكن التلاعب بهذه القيمة بالشكل المطلوب، من أجل تحديد متى تكون المادة نصف الناقلة بحالة “وصل ON” ومتى تكون بحالة “فصل OFF”. هذا التلاعب بقيمة مقاومة المادة نصف الناقلة (فعلياً تلاعب بقيمة ناقليتها)، هو ما يعرف بعملية “الإشابة Doping” في تقنية صناعة أنصاف النواقل Semiconductor Technology Manufacturing.

إذاً، نحن بحاجة لمادة نصف ناقلة كي نقوم بتركيب الترانزيستور، والذي نحتاجه من أجل تركيب الدارات المتكاملة والرقاقات الحاسوبية. هنا يأتي الدور السحري للسليكون، من حيث كونه يتمتع بخواص نصف ناقلة. يجب أن نشير هنا إلى أمرٍ هام: السليكون ليس المادة نصف الناقلة الوحيدة المتواجدة على سطح الأرض، وليس حتى أفضلها! في الواقع، فإنه يوجد العديد من المواد الأخرى التي تتمتع بخواص نصف ناقلة وخواص ناقلية إلكترونية أفضل من السليكون، مثل الجرمانيوم وأرسنيد الغاليوم، ولكن التوافر الهائل للسليكون في القشرة الأرضية وسهولة استخراجه تجعل منه المادة الأنسب من أجل الصناعة التقنية. لا يوجد حاجة للتنقيب عن السليكون ضمن المناجم العميقة، أو استخراجه عميقاً من جوف الأرض كما هو الحال مع النفط. الأهم من ذلك، هو قدرة العلماء على تطوير طرق من أجل استخلاص السليكون النقي من ضمن المركبات الكيميائية التي يتواجد بها، بحيث يحصلون بالنتيجة على بلوراتٍ (كريستالات Crystals) نقية من السليكون، جاهزة من أجل البدء بقولبتها لتشكيل المواد الخام لصناعة الإلكترونيات نصف الناقلة والدارات المتكاملة. كخلاصة، فإن السبب الأساسي في استخدام السليكون كمادةٍ خام في الصناعة التقنية هو الأسباب الاقتصادية، وفعلياً، فإن التكاليف المنخفضة المرافقة لاستخراج وتنقية السليكون هو ما يجعل من انتشار الحواسيب والأجهزة الذكية أمراً ممكن. لو تم استخدام مادة أخرى بخواص إلكترونية أفضل، ولكن بكلفة استخراج وتنقية أعلى، لحصلنا على أداءٍ أفضل للحواسيب بكل تأكيد، ولكن الكلفة سترتفع أكثر بكثير…بكل تأكيد.

الآن، وبعيداً عن الكلفة، فإن مراحل الحصول على الرقاقات الحاسوبية ابتداءً من السليكون يمكن أن يتم تلخيصها كما يلي:

  • يتم استخراج المركبات السليكونية المختلفة اعتماداً على المواد المتواجدة في القشرة الأرضية مثل الرمل
  • يتم استخلاص المركبات السليكونية المختلفة من الرمل
  • يتم استخلاص السليكون من مركباته من أجل الحصول على بلورات السليكون النقية، وذلك بتشكيل قوالب خاصة تتكون من بلورات السليكون النقية، تعرف بالصناعة باسم “Ingot”، وهي عبارة عن اسطوانات تتشكل من السليكون النقي بنسبة 99.9999%، بحيث يتواجد ذرة غريبة ضمن كل مليار ذرة سليكون.
  • يتم تشكيل رقاقات من السليكون Silicon Wafers عبر قطع اسطوانات السليكون النقية
  • على كل رقاقة سليكونية، يتم بناء ورسم نماذج الدارات المتكاملة باستخدام تقنيات تصنيع خاصة تعرف بتقنيات “الطباعة الحجرية Lithography”.
  • أثناء تطبيق عملية “الطباعة الحجرية” يتم تشكيل ورسم بنية الدارة المتكاملة بما تتضمنه من ترانزيستوراتٍ ونواقل مختلفة بين هذه الترانزيستورات، وبالكيفية المطلوبة من أجل تنفيذ الوظيفة المطلوبة من الدارة المتكاملة، سواء كانت معالج أو ذاكرة أو أي شيءٍ آخر.

بالنتيجة، كل رقاقة سليكونية ستتضمن العديد من الدارات المتكاملة والحاسوبية، والتي تضم كل منها مليارات الترانزيستورات، التي تم رسمها وحفرها باستخدام تقنية الطباعة الحجرية.

apcnewschip-making-thumb_mainImage4.jpg4
اسطوانات السليكون النقي أو Ingot. يتم قطع رقاقات السليكون (Silicon Wafers) من هذه الاسطوانات، ومن ثم يتم طباعة ورسم بنية الدارات المتكاملة على الرقاقات السليكونية النقية.

حالياً، فإن الاسطوانات السليكونية النقية Ingots التي يتم استخلاص رقاقات السليكون منها تمتلك أقطاراً بعرض 300 ميللي متر، وتسعى الأبحاث الحالية لتطوير طرق تصنيع يتم عبرها الحصول على اسطوانات بقطر 450 ميللي متر، بما يساهم بالمزيد من تخفيض تكاليف الإنتاج والحصول على المزيد من السرعة في الإنتاج. التقديرات تشير إلى أن التقنيات الحالية ستستطيع تلبية حاجات السوق المتزايدة لمدة عشر سنوات. ماذا سيحصل بعد ذلك؟ مع الأسف، لن يكون هنالك أمامنا خيار سوى أن نتخلى عن السليكون لصالح مادةٍ خام ذات توافر أقل وأصعب من حيث تقنيات الاستخراج والتصنيع. قد تكون هذه الأخبار مميزة بالنسبة لمن يرغب بحواسيب أسرع وأفضل، وقد تكون أخباراً ممتازة للباحثين بمجال الحواسيب الكمومية، ولكنها لن تكون أخباراً جيدة بالنسبة للمستخدمين الذي سيدفعون كلفة أكبر بالنسبة لمثل هكذا أجهزة حاسوبية.

silicon_wafer
رقاقة سليكونية Silicon Wafer، بعد أن تم رسم وطباعة الدارات المتكاملة عليها.

قليلٌ من الخيال: الحياة السليكونية Silicon as an Element of LIFE

يردد المختصون بمجال علوم الأحياء والكيمياء عبارةً مثيرة هي: الحياة المبنية على الكربون Carbon Based Life، وقد تكونوا قد سمعتم بها في العديد من المناسبات، أو قرأتم عنها ضمن مقالاتٍ علمية مختلفة، أو ربما درستموها في مناهجكم التعليمية! بكل الأحوال، فإننا سنسلط القليل من الضوء على هذه العبارة، ونذهب قليلاً بخيالنا مع السليكون.

عندما نقول أن الكربون هو العنصر الأساسي للحياة، فإن هذا يعني أن كافة العناصر والمكونات الأساسية التي تشكل التنوع الحيوي على الأرض، تعتمد بشكلٍ أساسي على مركباتٍ كيميائية أساسها الكربون، وذلك على الرغم من التنوع الكبير للعناصر الكيميائية المختلفة التي تدخل في تركيب أجسادنا، مثل الأوكسجين والنتروجين وغيرها، إلا أن مركبات الحياة الأساسية مثل البروتينات والحموض الأمينية وسلاسل الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين -اختصاراً الـ DNA – تتكون جميعها من الكربون. ما السبب في ذلك؟ في الواقع، فإن ميزة الكربون الأساسية هي كونه عنصر كيميائي رباعي التكافؤ. الأوكسجين على سبيل المثال، عنصر كيميائي ثنائي التكافؤ، ولا يمتلك القدرة على تشكيل أكثر من رابطتين كيميائيتين مستقرتين (وهذا ما يقودنا للحصول على الماء H2O). بالنسبة للنتروجين (العنصر الكيميائي الأكثر وفرةً في الغلاف الجوي) فإنه يمتلك القدرة على تشكيل ثلاث روابط كيميائية مستقرة (وهذا ما يقودنا لمركب الأمونيا NH3). بالنسبة للكربون، وبسبب كونه رباعي التكافؤ، فإن هذا يجعله يتمتع بإمكانية تشكيل أربع روابط كيميائية مستقرة مع أربط زمر ذرية مختلفة، والأهم من ذلك، أن خاصية التكافؤ الرباعي للكربون تجعله قادراً على تشكيل مركباتٍ كيميائية قوية وذات تعقيد هندسي متميز بخلاف أي عنصرٍ آخر. هذه الميزات هي ما قادت – بشكلٍ أساسي – لنشوء التنوع الأحيائي والحيوي الكبير الذي نشاهده على كوكبنا الجميل.

ولكن، ألا يمتلك السليكون أيضاً تكافؤاً رباعيّ؟ لماذا إذاً لا يكون السليكون هو العنصر الأساسي في الحياة؟ في الواقع، هذه المعلومة العلمية البسيطة قد شكلت دافعاً كبيراً للعديد من كتاب روايات الخيال العلمي كي يتفننوا بكتابة قصص حول حياةٍ بعوالم أخرى تتضمن السليكون كمركبٍ أساسي لنشوء الحياة، وتخيلوا كيف ستكون هذه الحياة التي تعتمد بشكلٍ أساسي على السليكون بدلاً من الكربون.

قد تطرحوا الآن على نفسكم هذه الأسئلة: إذا كان السليكون ذو تكافؤ رباعي يجعله مناسب لتشكيل مركبات مختلفة ومتنوعة، وإذا كان يتوافر بشكلٍ هائل في القشرة الأرضية وفي الكون ككل، وإذا كان السليكون يتفوق على الكربون من حيث التواجد بنسبة 1000 إلى 1، فلماذا إذاً الحياة العضوية على الأرض تتكون بشكلٍ أساسي من المركبات الكربونية، بدلاً من المركبات السليكونية؟ الإجابة على هذا السؤال يجب أن تتم بالعودة للجدول الدوري للعناصر الكيميائية نفسه: لو نظرنا بشكلٍ شاقولي للعناصر على الجدول الدوري، فإننا يجب أن نميز خاصية مهمة، وهي أنه كلما نزلنا شاقولياً بالعناصر، كلما حصلنا على عناصر ذات نواة أثقل وأغلقة إلكترونية أكبر. السليكون يتوضع تماماً تحت الكربون، وهذا يعني أنه أثقل منه وأكبر منه. هذه الخواص المتعلقة بالحجم والثقل تجعل من السليكون غير مناسب من أجل بعض الوظائف الحيوية الهامة جداً، مثل تركيب سلاسل الـ DNA، في حين يستطيع الكربون خفيف الوزن وصغير الحجم، أن يؤديها بكفاءةٍ ممتازة. فضلاً عن ذلك، يمتلك السليكون فاعلية كيميائية أقل من الكربون، وهذا يعني أنه إذا كان هنالك حياة ما تعتمد أساساً على مركبات السليكون، فإنها ستكون ذات تنوع كيميائي أقل، مقارنةً بالحياة التي تعتمد أساساً على المركبات الكربونية.

diode-periodic
موقع السليكون بالنسبة للكربون في الجدول الدوري لترتيب العناصر الكيميائية.

هل هذا يعني أنه من المستحيل نشوء حياة تعتمد على السليكون بدلاً من الكربون؟ كلا! واحتمالية وجود مثل هكذا حياة بمكانٍ ما ضمن الكون الهائل هو أمرٌ قائم وبقوة. حتى الآن، لم يسجل أحد وجود مثل هكذا حياة، وقد لا نستطيع أبداً. ولكن، وانطلاقاً من مبادئ الكيمياء البسيطة، فإن العنصر الأكثر استخداماً لتشكيل الحياة الاصطناعية الذكية المتمثلة بالحواسيب والأجهزة الذكية، قد يكون أيضاً، وبمكانٍ آخر، العنصر الأساسي لنشوء الحياة العضوية نفسها!

مصادر المقال: هناهنا هنا هنا هنا

للمزيد من المقالات والأخبار حول السليكون والصناعة الحاسوبية:

الحصول على أول شريحة متكاملة للأنظمة السليكونية الضوئية

إطلاق أول شريحة سليكونية تعتمد على الضوء بدلاً من الأسلاك النحاسية

الحوسبة بعد قانون مور: أهم 4 بدائل تقنية عن الصناعة الحاسوبية التقليدية

هل تكون ترانزيستورات أنابيب الكربون النانوية أفضل بديل عن الترانزيستورات السليكونية؟

طرق تصنيع الدارات المتكاملة

مقالات ذات صلة

‫15 تعليقات

  1. المقالة رائعة ولا غبار عليها لكن سؤال يطرح نفسه لمن هي موجهه ماذا يستفيد منها القارئ ماذا تبني مجرد ثقافة ام ان هناك مشروع لاقامة ……
    اعتقد يا اعزائي في سوريا الحبيبة انكم بحاجة لمقالات من نوع اخر تخدم الجوانب التطبيقية في حياة الناس في ضل الازمات التي نعيشها
    العلم ان لم يخدم المجتمع في ضروفنا هذه هو عبارة عن ترف اعتقد اننا لا نحتاجه
    انشرو مقالات تساعد الناس على مواجهة ظروفهم فهم احوج اليها ولكم كل الاحترام
    ومن يسأل مثل ماذا ؟ اعتقد ان تفكيره عقيم وبعيد عن الناس واحتياجاتهم لكم كل الاحترام

  2. شكراً لك على المرور. كلامك صحيح ولا غبار عليه، ونحن نتفق معك بضرورة نشر مقالات تخدم الجوانب التطبيقية في الحياة. نعمل على إعداد سلاسل تعليمية موجهة لأفضل استخدام ممكن للكهرباء، وكيفية تأمين أفضل بدائل ممكنة في ظل الانقطاع الطويل للكهرباء. بكل الأحوال، فإن هذا لا يلغي رسالة موقعنا الأساسية المتعلقة بنشر التفاصيل التقنية، وتأمين نقص المعلومات الهائل الذي تعاني منه المواقع العلمية العربية.

  3. ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههبطنييي

  4. مقالة مفيدة جدا
    هل السليكون مادة عازلة للموجات الكهرومغناطيسية؟ام تسمح بمرورها؟

  5. شكرا
    انا استفدت كثيرااا
    لاني مدرسه واحتاج معلومات اضافيه عن السليكون كي اقدم الموضوع لطلابي
    شكرا حزيلا’…

  6. المقالة رائعة .. والمعرفة اعامة أساس العلم و وقود العقل ونافذة الفكر .. شكرا لكم

زر الذهاب إلى الأعلى