قضايا علمية وهندسية

هل تكون تجارب التخاطر الذهني مُجرد حيلة؟

حقق العلماء تواصل مباشر بين عقلين بشريين، لكن هل هي أكثر من مجرد حيلة؟

جمع فريقان علميان بعض التقنيات المعروفة لتحقيق تبادل المعلومات المباشر بين أدمغة الناس. يبدو أن هذا المشروع الذي يُقام في الولايات المُتحدة وأوروبا، يُظهر أول حدث في التاريخ حيث تبادل شخصين المَعلومات بدون حديث أو حركة أيٍ منهما. حتى الآن، تبقى تقنية التّخاطر Telepathy خامة جداً حيث غالباً لن يكون لها أي تطبيق عملي.

وصف علماء الأعصاب ومهندسي الحواسيب من جامعة واشنطن، في مدينة سياتل “التخاطب من الدماغ إلى الدماغ Brain to Brain interface” التي قاموا ببنائها حيث تُمكّن شخصين من التحكم بشكل تعاوني، بلعبة فيديو بسيطة. أيضاً في وقتٍ سابق من هذا العام، وصفت شركة Starlab، الموجودة في مدينة برشلونة، إرسال الكلمات الصغير مثل “ciao”، مُشفرة كأرقام ثُنائية، بين أدمغة الأفراد في قارات مُختلفة. (يمكنكم قراءة مقالنا المفصل حول الترابط الدماغي الحاسوبي من هنا )

استخدمت الدراستين أساساتٍ مُتشابهة: يرتدي مُرسل الرسالة على رأسه جهازاً لتخطيط الأمواج الدماغية “(Electroencephalography (EEG” التي تستشعر الإشارة الكهربائية المُوّلدة من القشرة الدماغية عندما يقوم أحد الأشخاص بعملية تفكير إرادية تهدف لتحريك أحد أطرافه. تم إرسال هذه الإشارات عبر الإنترنت إلى حاسوب يُفسرها، ومن ثم يرسلها إلى الدماغ المستقبل على شكل نبضاتٍ كهربائية، وذلك باستخدام ملف مغناطيسي. في تجربة Starlab، رأى المُستقبل ومضة ضوء. في تجربة جامعة واشنطن، سبب النبض المغناطيسي تقلصاً صغيراً غير إرادي في المعصم على لوحة لمسية، فأطلق ذلك صاروخاً في اللعبة الحاسوبية.

لا تُعتبر تسجيلات جهاز EEG ولا هذا النوع من التحفيز الدماغي – الذي يُدعى التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS) – تقنيات حديثة. ما يُعتبر غير مسبوق في هذا البحث هو دمجهما سوياً في هدف التواصل البسيط. اقترح الباحثون في Starlab أن “تقنيات التفاعل الفائقة Hyperinteraction Technologies” هذه قد يكون لها “في نهاية المطاف تأثير عميق على البنية الاجتماعية لحضارتنا”.

إلى الآن، تبقى التقنية محدودة جداً. لم تتمكن كلتا التجربتين إرسال المشاعر أو الأفكار. بدلاً من ذلك، استخدموا العقول البشرية أساساً لتلعب دور مفتاح كهربائي Relay لنقل الإشارة البسيطة بين حاسوبين. كان معدل إرسال المعلومات أيضاً صغير ومحدود.

تقتضي إجراءات السلامة على الحد من استخدام أجهزة TMS إلى نبضة بسيطة كل 20 ثانية. ولكن حتى دون ذلك الحد، يستطيع إنسان إرسال بتات صغيرة من المعلومات عند ارتداء خوذة EEG، لأنه يحتاج التغيير الإرادي لشكل موجة الدماغ التركيز المعتمد.

كمقارنة، يُحوّل التّخاطب الإنساني كأقسى حد 3000 بت في الدقيقة، حسب بعض التقديرات. هذا يعني أن محتوى المعلومات في محادثة مدتها 90 ثانية تحتاج إلى يوم أو أكثر لنقلها بشكلٍ ذهني.

يعتزم الباحثون على استكشاف طرق أدق وأسرع لتحويل المعلومات. يقول Andrea Stocco، أحد الباحثون في جامعة واشنطن، أن فريقه حصل على مليون دولار كمنحة من مؤسسة WM Keck لتحديث أدواتها ولإجراء التّجارب بطرقٍ مُختلفة لتبادل المعلومات، مما يتضمن الأمواج فوق الصوتية المُرّكزة التي تستطيع تحفيز الأعصاب من خلال الجمجمة.

يقول Stocco أن أحد الاستخدامات المُهمة للتقنية سيكون مُساعدة العلماء باختبار أفكارهم عن طريقة تمثيل الخلايا العصبية في الدماغ للمعلومات، خصوصاً حول المفاهيم المُجردة Abstract Concepts. على سبيل المثال، إذا آمنت باحثة أنها تستطيع التعرف على نمط الخلايا العصبية التي تعكس فكرة طائرة صفراء، فإن أحد طرق إثباتها أن تُرسل النمط إلى شخص آخر وتسأله عن ما كانت تُفكر.

“يمكنك رؤية هذه الواجهة بشيئين مُختلفين،” تقول Stocco. “أحدها هي لعبة رائعة قمنا بتطويرها لأنها تُعتبر مُستقبلية وإنجازاً هندسياً، ولكن هذا لا ينتج العلم. الأخرى، في المستقبل، ستكون الطريقة المُطلقة لاختبار الفرضيات المُختلفة حول طريقة ترميز وتشفير الدماغ للمعلومات.”

المصدر: MIT Technology Review

للمزيد من التفاصيل:
1- مقدمة إلى الترابط الدماغي الحاسوبي
2- كيف يقوم الدماغ بترشيح الإشارة من الضجيج

Michel Aractingi

طالب هندسة كهرباء في جامعة البلمند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى