المساحة الإخبارية

[في سبقٍ علميّ]: تحويل الأفكار في الدماغ إلى كلامٍ مفهوم!

أعلن مجموعة من الباحثين في جامعة كولومبيا عن تمكنهم وللمرة الأولى من تطوير نظامٍ ذكيّ قادر على ترجمة الأفكار من الدماغ إلى صوتٍ واضح وقابل للفهم، ومن شأن هذا السبق العلميّ والتقنيّ أن يؤدي لتحسينات وتطويراتٍ هامة في طريقة تواصل الحواسيب مع الدماغ، أو ما يُعرف بالترابط الدماغي الحاسوبي BCI: Brain Computer Interface، والأهم، من شأن هذا الإنجاز أن يوّفر فرصةً رائعة للبشر الذين يعانون من مشاكل صحية تحرمهم القدرة على الكلام، مثل تصلب الأعصاب اللويحيّ ALS.

يقول الدكتور نيما ميسغاراني Nima Mesgarani أن القدرة على الكلام هي إحدة أقوى الأدوات التي نستخدمها كبشر في التواصل مع محيطنا، وبالتالي فإن فقدان هذه القدرة سيؤثر على الشخص المُصاب بشكلٍ سلبيّ جدًا، والآن ومع البحث الجديد عاد الأمل لهؤلاء الأشخاص لسيتعيدوا القدرة على التواصل مع محيطهم. قام الدكتور نيما ميسغاراني مع فريقها بنشر نتائج بحثهم اليوم ضمن دورية Nature.

فكرة البحث والمشروع الحاليّ ليست جديدة، حيث سبق وأظهرت العديد من الأبحاث طوال العقود الماضية ظهور أنماطٍ محددة من الإشارات الكهربائية في الدماغ أثناء حديث البشر، وكذلك الأمر عند سماعنا لحديثٍ ما أو حتى عند تخيلنا لسماع حديثٍ ما، حيث تظهر في الدماغ أنماطٌ للإشارات الكهربائية التي تصف نشاطه. قام الكثير من الباحثين سابقًا بتسجيل هذه الإشارات والأنماط وتحليلها بهدف تحويلها لكلامٍ مفهوم، ولكن هذه المهمة لطالما كانت صعبة نظرًا لأنها ركزت على تحليل السبيكتروجرام Spectrogram، وهو التمثيل البصريّ للترددات الصوتية.

وعندما تبين أن تحليل السبيكتروجرام قد فشل في إنتاج أي كلامٍ مفهوم وواضح، لجأ الدكتور ميسغاراني إلى اعتماد تقنيةٍ مغايرةٍ تمامًا، وهي استخدام خوارزمية “فوكودر Vocoder”، وهي الخوارزمية الحاسوبية المستخدمة في صناعة الكلام والحديث بعد أن يتم تدريبها اعتمادًا على تسجيلات صوتية من أشخاصٍ مختلفين، وهي نفس التقنية التي تعتمد عليها شركات مثل أمازون وآبل في المساعدات الرقمية الذكية الخاصة بها، مثل أمازون ألكيسا Amazon Alexa أو سيري Siri من آبل.

بعد أن تم اختيار التقنية المناسبة، عمل الدكتور ميسغاراني وفريقه على جمع بياناتٍ مناسبة ليتم تدريب خوارزمية “فوكودر” عليها، والتي يجب أن تكون الإشارات الكهربائية التي ينتجها الدماغ أثناء السماع لحديثٍ ما، فالهدف هنا هو تركيب الكلمة التي يسمعها الشخص من خلال تسجيل النشاط الكهربائي للدماغ. لهذا الغرض، تم تسجيل النشاط الكهربائيّ للدماغ لمجموعةٍ من مرضى الصرع أثناء سماعهم لجملٍ مُختلفة. الخطوة التالية كانت الطلب من بعض المرضى الاستماع لمسجلةٍ آلية تقوم بتلاوة الأرقام من 0 وحتى 9، وفي خلال ذلك قام الدكتور ميسغاراني وفريقه بتسجيل النشاط الكهربائيّ لهؤلاء المرضى. تم استخدام كافة هذه العينات كبيانات دخل لخورازمية “فوكودر Vocoder” التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبونية من أجل التعرف على الكلمات الموافقة للأنماط الكهربائية المسجلة.

كنتيجةٍ لهذه الجهود، تمكن الدكتور ميسغاراني وفريقه من بناء برنامجٍ آلي قادر على الكلام اعتمادًا على تفسير الإشارات الكهربائية للدماغ، حيث يستطيع هذا البرنامج في الوقت الحاليّ أن يتلو سلسلةً من الأرقام المختلفة، ووفقًا للدكتور ميسغاراني فإنه في 75% من الحالات، كان الكلام الصنعيّ الناتج عن برنامجهم مفهومًا للأشخاص الذين يستمعون إليه، وهو يمثّل تحسنًا كبيرًا مقياسًا بالمحاولات السابقة لتحويل إشارات الدماغ إلى كلام والمعتمدة على مخططات السبيكتروجرام.

يهدف الدكتور ميسغاراني وفريقه لاختبار كلماتٍ وجملٍ معقدة أكثر بما يؤدي بالنتيجة لجعل برنامجهم جزءًا من نظامٍ مزروعٍ في الجسم قد يستخدم من أجل ترجمة أفكار الشخص مباشرةً إلى كلماتٍ منطوقة.

المصادر:

1. الورقة البحثية المنشورة في دورية Nature

2. TechXplore

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى