عندما تلتقي الفيزياء بالهندسة: تعزيز كمومي للذكاء الاصطناعي
وفقاً للعديد من الدراسات البحثية الجديدة، فإن الحواسيب الكمومية Quantum Computers المُنتظر تصنيعها في المستقبل، ستمتلك إمكانية تقديم تعزيز قوي وفعال للذكاء الاصطناعي AI: Artificial Intelligence.
الحواسيب الكمومية – وبخلاف الحواسيب التقليدية – تقوم بترميز المعلومات اعتماداً على حالات كمومية ضبابية Fuzzy، فالمعلومة في الحواسيب الكمومية قد تحمل قيمتي الواحد “1” والصفر “0” بنفس الوقت، بخلاف الحواسيب التقليدية. بفضل هذه الخاصية المُتميزة، فإن الأداء الكلّي للحاسوب الكمومي سيكون أعلى وأفضل بكثير من الحواسيب التقليدية، وستصبح هذه الحواسيب قادرةً على أداء بعض العمليات التي تعجز عنها الحواسيب التقليدية، مثل كسر مفاتيح التشفير.
الخوارزميات التي تم تطويرها حتى الآن للحوسبة الكمومية تُركّز بشكلٍ كبير على كسر مفاتيح التشفير أو البحث عن القوائم المُعقّدة، وهي مهام تتطلب سرعة مُعالجة أكثر مما تتطلب ذكاءً متقدماً في خوارزمية المعالجة نفسها، ولكن في سلسلة من الأوراق البحثية الجديدة المنشورة، تمكن سيث ليويد من معهد ماساتشوستس للتقانة MIT وزملاؤه من وضع حيلة كمومية ضمن الذكاء الاصطناعي.
ماقام به الفريق البحثي هو تطوير نسخة كمومية من “تعلم الآلة Machine Learning”، وهو أحد أنماط الذكاء الاصطناعي الذي يقوم ضمنه البرنامج بالتّعلم من خبراتٍ سابقة ليُصبح أفضل مع مرور الوقت بأداء مهام تتعلق بالبحث عن الأنماط ضمن المعطيات والبيانات. تَعُلّم الآلات هو أحد التّطبيقات الشائعة التي تأخذ دوراً بالعديد من المجالات اليومية مثل مُرشحات البريد الالكتروني ضد البرامج الوهمية Spam، وكذلك في مجال اقتراحات التسوق الالكتروني.
الابتكار الجديد للفريق البحثي قد يؤدي لتقدّمٍ كبير في مجال الحوسبة الكمومية وقدرتها على رفع أداء تطبيقات تَعُلّم الآلات بشكلٍ أسي Exponentially.
قفزة كمومية Quantum Leap
تم إنشاء خوارزمية أبسط من قبل ليويد وفريقه البحثي في عام 2009 وتم تضمينها في قلب البرنامج الحاسوبي، بحيث تهدف هذه الخوارزمية المُطورة لحل جمل المُعادلات الجبرية الخطية بسرعة أكبر (مثل x+y=4). الحواسيب التقليدية تُنتج حلاً لمثل هذه المعادلات باستخدام طرق استبعاد الأرقام والحلول، والتي تصبح مُرتفعة الكلفة والوقت كلما زاد عدد المعطيات – أي كلما زاد عدد المعادلات. الحاسوب الكمومي بهذه الحالة يقوم فعلياً بإجراء حيلة; فهو يقوم بضغط المعلومات والقيام بالحسابات اعتماداً على خصائص معينة يتم استخلاصها من المعطيات ومن ثم تمثيلها على شكل “كيوبت Qubit”، وهي وحدات تمثيل المعلومات في الحواسيب الكمومية.
التَعُلّم الكمومي للآلات Quantum Machines Learning يعتمد على المعالجة الجبرية الجيدة للمعطيات ومن ثم الاستفادة من نتائج هذه المعالجة في التطبيقات المختلفة. يمكن تقسيم المعطيات إلى مجموعات – وهي العملية التي تشكل أساس برامج التعرف على الكلام Speech Recognition Software – أو يمكن البحث ضمن المعطيات عن أنماط. وبالتالي، فإن المعدّلات الكبيرة والضّخمة من المعلومات يُمكن أن تعالج باستخدام عدد قليل نسبياً من الـ “كيوبت”، مقارنةً بالحواسيب التقليدية التي ستحتاج إلى بتات عدد بتات هائل لأداء نفس المهمة.
” نستطيع إجراء تخطيط للكون بأكمله، ولكافة المعلومات التي تواجدت فيه بدءاً من الانفجار العظيم وصولاً إلى اليوم باستخدام 300 كيوبت “. كما يقول ليويد.
مثل هكذا تقنيات تدمج مابين الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية Quantum AI Techniques قد ترفع بشكلٍ كبير سرعة أداء بعض المهام مثل التّعرف على الصور لمقارنتها على الويب، أو السماح للسيارات بقيادة نفسها ذاتياً، وهي مجالات تقوم شركات كبيرة مثل غوغل بالبحث فيها.
بالإضافة لليويد وفريقه البحثي في MIT، فإن عدداً من الفرق البحثية الأخرى في النمسا والصين قد قامت ببناء نظام حاسوبي كمومي يتألف من عدة “كيوبت” بغرض حل معادلات كمومية، إلا أن ليويد يعتقد أن وصول “التَعُلّم الكمومي للآلات” لحيز التّطبيق الفعلي يتطلب أنظمة حواسيب كمومية تتألف من عشرات الكيوبت.
المصدر: الموقع الرسمي لمجلة Nature
تعليق واحد