السلاسل التعليمية

[سلسلة روبوتات ليغو] – ما هي روبوتات ليغو Lego Robots؟

فهرس المقال

1. مقدمة: ما هو الروبوت What is a Robot؟

أصبحت كلمة “روبوت Robot” من الكلمات المألوفة والشائعة في حياتنا المُعاصرة، فالروبوت، بمعناه العام، هو الرجل الآلي الذي يستطيع التفاعل معنا ومع البيئة المُحيطة به وتنفيذ مهامِ مختلفة، بدءاً من تلك البسيطة مثل جلب وجبات الطعام في المطاعم، أو حتى القيام بأمور ترفيهية مثل عزف المقطوعات الموسيقية الكلاسيكية، وصولاً لمهام حساسة بالغة التأثير مثل العمليات جراحية عالية التعقيد.

لو أردنا النظر للروبوت من وجهة نظر علمية وتقنية مجرّدة، سيكون بإمكاننا تعريف الروبوت على النحو التالي:

الروبوت Robot هو مُصطلح هندسي يُعبر عن نظام تحكم آلي Automoated Control System يتألف من مكونات ميكانيكية حركية ومُعالج رقمي قابل للبرمجة وحساسات تتيح استشعار وإدراك الوسط المُحيط والتفاعل معه. يُحدد البرنامج الخاص بالنظام الروبوتي كيفية تفاعل الروبوت مع محيطه، بمعنى كيف سيتحرك الروبوت وما الذي سيقوم به اعتماداً على البيانات والمعلومات الآتية من الحساسات الخاصة به.

2. روبوتات ليغو: بداية القصة

لنفترض الآن أنك تريد أن تخبر طفلاً أو يافعاً عن أهمية الروبوتات بحياتنا اليومية، وروعة العمل بمجال تصميم الأنظمة الروبوتية، فماذا ستقول له؟ وكيف ستقنعه بأن تصميم وبرمجة الروبوت أمرٌ ممتع وجميل؟ إن كنت طالباً بأحد فروع الهندسة التقنية (الميكانيك، الحواسيب، المعلوماتية) فإنك غالباً ستبدأ حديثك بالمزايا التي التي وفرتها الروبوتات في عمليات الإنتاج الصناعي وقدرتها الفائقة على إنجاز مهام عالية التعقيد بشكل متكرر بدون تعب أو ملل. أو ربما تذكر المتجولة الروبوتية الشهيرة “كوريوسيتي روفر Curiosity Rover” التي تم إطلاقها عام 2012 والمتجولة “بيرسيرفيرانس روفر Perserverense Rover” والتي تم إطلاقها عام 2020 من أجل اكتشاف كوكب المريخ. أليس كذلك؟ حسناً، حاول أن تقوم بذلك، وراقب ردة فعل الطفل على كلامك. غالباً، سيكون كلامك هذا سبباً بنفور الطفل وعدم حبه للروبوتات، وربما التخصصات الهندسية بأكملها.

الطفل، وحتى اليافع، يرغب دوماً بأمر واحد: النشاطات التي تجلب لنا المتعة والتسلية والتحدي، وهو الأمر الذي تُدركه شركة ليغو Lego جيداً بحكم خبرتها الطويلة في تطوير الألعاب التركيبية. شكل هذا الأمر دافعاً كبيراً لشركة ليغو للتعاون مع معهد ماساتشوستس للتقانة “إم آي تي MIT” عبر مخبر الوسائط المتعددة الخاص بالمعهد MIT Media Lab خلال تسعينيات القرن الماضي لتطوير بيئة برمجية-إلكترونية متكاملة يُمكن عبرها برمجة روبوتات مصنوعة يتم بناؤها وتركيبها باستخدام قطع ليغو التركيبية الشهيرة، نفس القطع التي يلعب بها ملايين الأطفال واليافعين حول العالم.

أفضى هذا التعاون سنة 1997 عن إطلاق منصة ليغو مايندستورمز Lego Mindstorms، والتي وفرّت الجيل الأول من روبوتات ليغو القابلة للبرمجة القادرة على التحرك بمفردها بدون وصلها بحاسوب أو مصدر طاقة بشكلِ دائم، وهو الجيل الذي أطلق عليه اسم “آر سي إكس RCX: Robotic Command Explorer”.

الجيل الأول من روبوتات ليغو القابلة للبرمجة RCX. تُظهر الصورة روبوت متجول Rover مبني من قطع ليغو ويتم التحكم به عبر البرنامج الموجود داخل اللبنة التحكمية RCX Brick. حقوق ملكية الصورة: ويكيبيديا.

3. لماذا روبوتات ليغو؟

قد يخطر عند البعض السؤال: ما هي الفائدة من تعليم الأطفال واليافعين كيفية بناء وبرمجة روبوت باستخدام قطع الليغو؟ في الحقيقة فإن الهدف ليس الروبوت بحد ذاته، بل ما تنطوي عليه عملية تركيب وبرمجة الروبوت من دمجِ لمفاهيم ومساقات تعليمية عادةً ما تكون غير محببة بالنسبة للأطفال واليافعين، وهنا نعني: الرياضيات والفيزياء وعلوم الميكانيك وعلوم البرمجة، أي المناحي التعليمية التابعة للمظلة التقنية STEM: Science, Technology, Engineering and Math.

يمكن النظر إلى روبوتات ليغو على أنها وسيلة تعليمية ممتعة ومسلية، يستطيع عبرها الأطفال واليافعين تعلم مبادئ ومفاهيم مظلة ستيم STEM من رياضيات وفيزياء وتقنية (برمجة)، ولكن ليس عبر الجلوس في الصف المدرسي وأخذ دور المتلقي فقط، وإنما عبر وسيلة تفاعلية تتيح للطفل أخذ دور مبتكر أكثر ونشط أكثر في العملية التعليمية، لأن الطفل نفسه هو من سيقوم بتركيب الروبوت، وهو من سيقوم ببرمجته من أجل تنفيذ المهمة (مهما كانت)، وهو من سيقوم بتصحيح البرنامج وتعديله بناءً على الأخطاء التي تحصل أثناء التجريب.

على صعيدِ آخر، وبالعودة لأيام الطفولة، سيكون من السهل تذكر كم كان ممتعاً اللعب بقطع ليغو: بناء منزل صغير والحديقة الجميلة المقابلة له، اختيار شخصيات ألعاب ليغو ووضعها داخل المنزل، أو تركيب سيارة صغيرة وتحريكها، أو حتى طائرة أو مركبة فضائية: توّفر قطع ليغو التركيبية وسيلة رائعة تتيح للأطفال واليافعين إدراك بنى معقدة بشكلٍ مُبسط وممتع. دمج هذه المتعة، مع قدرات إلكترونية وبرمجية سيؤدي للحصول على بيئة تعليمية بطابعِ مختلف، يتعرف فيها الأطفال واليافعين على مبادئ الفيزياء والميكانيك والرياضيات والبرمجة، عبر ألعابِ وتحدياتِ مُمتعة بدلاً من الجلوس وأخذ دور المتلقي في الصف المدرسي.

4. الحزم التعليمية الخاصة بروبوتات ليغو

منذ إطلاقها لأول مرة سنة 1997، قامت شركة ليغو بإصدار الأجيال التالية من حزم التعليمية: 

  1. الجيل الأول سنة 1997: إصدار “آر سي إكس” Mindstorms RCX
  2. الجيل الثاني سنة 2007: إصدار “إن إكس تي” Mindstorms NTX 2.0
  3. الجيل الثالث سنة 2013: إصدار “إي في ثري” Mindostorms EV3
  4. الجيل الرابع سنة 2020: إصدار “سبايك برايم” Lego Education Spike Prime
الروبوت الشهير AlphaRex المنفذ والمبرمج باستخدام تقنية Mindstorms NXT 2.0 من شركة ليغو.
الروبوت الشهير AlphaRex المنفذ والمبرمج باستخدام تقنية Mindstorms NXT 2.0 من شركة ليغو.

1.4 المكونات العتادية لحزم روبوتات ليغو Hardware for Lego Robots

كنتيجة للعمل والتعاون الذي بدأت به شركة ليغو مع مجموعة من الجامعات والشركات التقنية الشريكة لها (مثل جامعة إم آي تي وشركة ناشيونال إنسترومنتس National Instruments وبيئة لاب فيو LabView) تم تطوير حزمة تعليمية متكاملة Educational Kit، تتكون من:

  1. اللبنة (النواة) التحكمية القابلة للبرمجة Control Hub: نواة الحزمة التعليمية التي يمكن وصلها بالحاسوب وبرمجتها باستخدام البيئة البرمجية الخاصة بروبوتات ليغو، وهي نفس القطعة التي يتم وصل المحركات والحساسات إليها، بحيث تستطيع فهم البيانات التي تجمعها الحساسات وتقوم بتزويد الطاقة وأوامر التحكم للمحرّكات.
  2. محركات كهربائية Motors: يتم عبرها تأمين حركة الأذرع والدواليب الخاصة بالروبوت.
  3. حساسات إلكترونية Sensors: تؤمن استشعار الوسط المحيط عبر حساس المسافة (أمواج فوق صوتية)، حساس الضغط، حساس الألوان (حساس أشعة تحت حمراء).
  4. قطع ميكانيكية حركية Mechanical Parts: مسننات، محاور، دواليب، عجلات، وصلات.
  5. قطع ليغو التركيبية Lego Bricks: يمكن استخدام أي قطعة من قطع ليغو التركيبية من أجل بناء روبوتات ليغو!
تتكون المجموعة التعليمية بشكلِ أساسيّ من النواة، المحركات، الحساسات، قطع ميكانيكية وقطع ليغو المختلفة. الصورة تمثل مكونات الإصدار سبايك برايم Spike Prime الأحدث من ليغو. حقوق ملكية الصورة: ليغو.

تتشابه الأجيال المختلفة مع بعضها البعض بالنقاط التالية:

  • أي وجود قطعة مركزية قابلة للبرمجة ويمكن وصل المحركات والحساسات المختلفة عليها
  • وجود محركات
  • وجود حساسات
  • توافقها مع قطع ليغو التركيبية

تختلف إصدارات الحزم التعليمية الخاصة بروبوتات ليغو عن بعضها البعض بالنقاط التالية:

  • القدرات التي تمتلكها النواة القابلة للبرمجة
  • بيئة البرمجة المُستخدمة لكل إصدار

2.4 المكونات البرمجية لحزم روبوتات ليغو Software for Lego Robots

بالإضافة للقطع العتادية السابقة، هنالك الشق البرمجيّ الخاص بالحزم التعليمية، حيث يمكن برمجة النواة التحكمية عبر وصلها إلى الكومبيوتر وتحميل البرنامج المراد تنفيذه والذي يمكن إعداده ضمن بيئة تطوير برمجية، والتي تنقسم بشكلٍ عام إلى نوعين:

  • البرمجة النصية Syntax-based-Programming
  • البرمجة الكتلية Blocks-based-Programming

تعتبر البرمجة الكتلية الأكثر استخداماً بالنسبة للأطفال واليافعين كونها أبسط وأسهل استخداماً وأسرع من البرمجة النصية، وبالنسبة من حزم ليغو التعليمية، طرحت ليغو البيئة البرمجية Word Blocks المبنية على بيئة سكراتش Scratch الشهيرة المطوّرة في جامعة إم آي تي التقنية MIT والتي توفر بيئة برمجة كتلية يمكن عبرها توليد البرامج المختلفة للتحكم بروبوتات ليغو من إصدار سبايك برايم Spike Prime.

مثال بسيط حول برنامج من بيئة Word Blocks الخاصة ببرمجة روبوتات إصدار سبايك برايم. مصدر البرنامج: ليغو.

بالنسبة للإصدارات السابقة مثل NXT 2.0 و EV3، طرحت ليغو بيئات تطوير برمجية تفاعلية تعتمد على مفهوم البرمجة عبر الكتل والمبنية على بيئة لاب فيو LabView الهندسية الشهيرة. للتوضيح أكثر، فقد تم تخصيص كتلة لكل مهمة يراد تنفيذها: هنالك كتلة مسؤولة عن عمل المحرك، وهنالك كتلة مسؤولة عن حساس الضوء، وهنالك أخرى لحساس الصوت، وكتلة من أجل الإظهار على الشاشة الخاصة بالروبوت، وهكذا دواليك بالنسبة لكافة القطع الصلبة التي تتطلب تحكماً برمجياً. عملية البرمجة تتم عبر وصل الكتل ببعضها البعض، حيث يتم تنفيذ الأوامر المضمنة بهذه الكتل تسلسلياً Sequentially.

أخيراً، من المهم ذكر أنه يمكن استخدام لغات وبيئات البرمجة النصية مثل لغة سي C أو بايثون (بشكلٍ أكثر دقة لغة مايكرو بايثون MicroPython) من أجل برمجة نواة روبوتات ليغو، وتعتبر هذه من الخيارات المتقدمة التي يُفضلها مستخدمو روبوتات ليغو في مرحلة الدراسة الجامعية أو ممن يود بناء تطبيقات متقدمة ذات قدرات تحكم دقيقة.

5. بطولات روبوتات ليغو

الآن لنعد للبداية، ولننظر لما قمنا به: لقد انتقلنا من جعل مفهوم الروبوت والأنظمة الذكية أمراً صعباً ومعقداً، لأمر بسيط يتطلب توصيل قطع الليغو ومن ثم إرسال البرنامج عبر واجهة تفاعلية بسيطة ومميزة، وبالنسبة للطفل، فإن البساطة والمتعة اللتين توفرانها روبوتات ليغو بالنسبة له هو أمرٌ رائع وممتع. الآن أصبح الطفل قادر على الشعور واللمس بروعة ومتعة العمل الهندسي، وبذلك يكون العمل الهندسي المعقد قد انتقل لمستوى الطفل، مستوى اللعب والمتعة والتسلية.

لهذه الأسباب، تعاونت شركة “فيرست First” (تم إنشاؤها عام 1989 بهدف إلهام الطلاب واليافعين للدخول بالمجالات العلمية والهندسية) مع ليغو لإطلاق أول بطولة عالمية لتصميم الروبوتات وبرمجتها وذلك للأطفال واليافعين من عمر 9 وحتى عمر 16، وتم تسمية البطولة FLL: First Lego League. ومنذ عام 1999 وحتى اليوم، والبطولة مستمرة، وتشهد تزايداً كبيراً بعدد الفرق والدول المشاركة.

لم تتوقف بطولات روبوتات ليغو على بطولة FLL فقط، ففي عام 2004، تم إحداث بطولة أولمبياد الروبوت العالمي WRO: World Robotic Olympiad، عبر تعاون مجموعة من دول جنوب شرق آسيا. واليوم، أصبحت بطولتي WRO وFLL هما العنوانين العريضين لبطولات الروبوت لليافعين والأطفال حول العالم.

تتضمن بطولة WRO أربع فئات أساسية: الفئة النظامية، الفئة المفتوحة، الفئة النظامية الجامعية، ومسابقة كرة القدم. كل فئة لها المسابقة الخاصة بها، ولها شروطها، ولها قوانينها، ولكن هذه الفئات الأربع تشترك جميعها باستخدام روبوتات والقطع المزودة من شركة ليغو من أجل تصميم الروبوتات وبرمجتها.

تتميز بطولة WRO بالتحديات الصعبة من حيث التصميم الميكانيكي للروبوتات، فمهامها تتطلب تصميماً دقيقاً للروبوت ليكون قادراً على صعود بعض المرتفعات، أو حتى الأدراج، فضلاً عن كونه يحمل العديد من القطع والأشياء الواجب نقلها من مكان لآخر. يتم اختيار شعار سنوي للبطولة تتمحور كافة المسابقات والتحديات حوله.

6. كلمة أخيرة

من هذه النقطة الأخيرة نختم: تخيل طفلاً، يتعلم تصميم وبرمجة الروبوتات، باستخدام تقنيات حديثة جداً، بدون أن يكون مضطراً للاطلاع على تفاصيل هذه التقنيات وخصائصها، إنه أمرٌ ممتع ورائع، ومشجع جداً بالنسبة للطفل كي يرغب بالمستقبل بالدخول بمجال الدراسة الهندسية والتقنية، فضلاً عن أنها تخرج ما في عقل الطفل من إبداع، لأنه سيقوم بتنفيذ أفكاره بشكلٍ مباشر، وليس تخيلها أو الحلم بها. الآن، تخيل طالب هندسي ملم بالتفاصيل التقنية والبرمجية، ويمتلك المعارف الميكانيكية والبرمجية التي تؤهله لتصميم روبوت فعال، ما الذي سيتمكن من تصميمه وتنفيذه؟ نترككم مع هذا السؤال، ليكون حافزاً لكم لتعلم تصميم وبرمجة الروبوتات باستخدام تقنيات ليغو.

7. مصادر إضافية للاطلاع

  1. الصفحة الرسمية لإصدار سبايك برايم التعليمي من ليغو
  2. الصفحة الرسمية لبيئة البرمجة وورد بلوكس Word Blocks من ليغو
  3. الموقع الرسمي لبطولة فيرست ليغو ليغ FLL

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى