المساحة الإخبارية

حصيلة عام 2014: أبرز الإنجازات في مجال الطب الحيوي

إنجازات العلم في مجال الطب الحيوي لعام 2014: إعادة كتابة شريط الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين، فك ترميز الدّماغ، ومفارقة الكائنات المعدّلة وراثياً.

بدأ العام في مجال التّقانة الحيوية مع حدثٍ رئيسي هام جدّاً. فبعد عقدٍ من الزمن على أول فك ترميز لجينات الإنسان بتكلفة ثلاثة مليارات دولار أمريكي، قامت شركة “Illumina” الكائنة في مقرّها في مدينة سان دييغو بتقديم نموذج جديد لآلة تسلسل الجينات باسم “the Hyseq X-10” والتي تستطيع القيام بهذه المهمة بحوالي 1000 دولار للجينوم الواحد.

النظام الذي كلّف عشرة ملايين دولار أمريكي يستطيع فك ترميز حوالي 20,000 جينوم في السنة، اقتُطعت من شركات المخابر الكبيرة والناشئة مثل شركة “J. Craig Venter’s Human Longevity” والتي تُخطط لتسلسل أربعين ألف شخص في السنة. وأيضا من الحكومة البريطانية حيث أنّ بريطانيا هي أول دولة أعلنت عن برنامج قومي لسَلسلة الجينات.

وقد توقّع رئيس شركة “Illumina” أنه بغضون عامين سيتم الانتهاء من سلسلة الخريطة الجينية لحوالي 1.6 مليون شخص.

إمكانية التسلسل بتكلفةٍ مُنخفضة يعني حصول طوفانٍ من المعلومات ودور جديد للتكنولوجيا للتصميم والتعامل مع واستغلال “البيانات الكبيرة Big Data”. عملاق البحث “Google” كانت أكثر الشركات التقنية انسجاماً في هذا الاتجاه، بإطلاق مشروعٍ علمي لجمع البيانات الحيوية عن الأشخاص الأصحاء، وقدمت عرض تخزين أي جينوم في مخدماتها الضخمة مقابل 25 دولار في السنة. إن تحالف شركات بحثية في مجال الجينات والمدعوم من غوغل حاول تقديم معايير تقنية كتلك التي تحكم الويب كطريقة لتنظيم “شبكة إنترنت للـ DNA” والتي عن طريقها يتمكّن الباحثون من مشاركة المعلومات.

إمكانية الوصول السهل إلى معلوماتٍ عن الـ DNA قد فتح باب المناقشات حول كميّة المعلومات التي يجب على المستهلكين معرفتها. إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA أعلنت أنّ اختبارات صحة الجينات التي تُعطى مباشرة إلى المريض ليست جاهزة للتسويق بعد. ولكنّ المستهلكين وجدوا عدّة طرق للحصول على المعلومات.

آلاف من الأشخاص توجّهوا إلى الزوايا غير المنظّمة من الإنترنت ليعرفوا المزيد عن جيناتهم حتّى أن هنالك أب تمكن من سَلسلة الـDNA لابنه غير المولود بعد.

إنّ أكثر التّقنيات إثارةً للجدل لهذا العام كانت طريقة جديدة للهندسة الجينية تدعى “CRISPR”، وهي طريقة قويّة وجديدة لتعديل نظام الـDNA. فقد استخدمها علماء من الصين لإنتاج نوع جديد مُعدّل وراثياً من القردة في كانون الثاني من العام المنصرم، وتوقع علماء آخرون حالياً إنتاج قردة تستطيع أن تُصاب بالأمراض النفسية البشريّة. إحدى أهم المقاييس حول أهمية هذا الاختراع: هو جدال العلماء حول من قام باختراعها أولاً! ومن يحق له أن يملك براءة الاختراع.

خلال هذا العام، قام المهندسون الحيويون بالتقدّم على كافة الخطوط مُستخدمين تقنياتٍ من خارج اختصاصهم. رأينا أنواعاً جديدة من العلاج الخلوي المستخدم لعلاج أمراض العين، وتم الحصول على نتائج إيجابية من العلاج الجيني الذي قد يؤدي للتوصل لعلاج فيروس عوز المناعة المُكتسبة ”HIV” والمعروف بالإيدز، وأيضاً ظهور شكل جديد من العلاج الجيني يدعى “تداخل شريط الحمض الريبي”.

تطوّر الأعضاء البديلة سار خطوةً للأمام أيضاً، كالبحوث الجديدة عن إمكانيّة إضافة الأوعية الدّموية للأنسجة المَصنوعة في المخابر باستخدام طابعة ثلاثيّة الأبعاد.

في هذا العام، عشرة من أصل خمسة وثلاثين دواءً والذين تمت الموافقة عليهم من قبل إدارة الإغذية والأدوية العالمية كانت عبارة عن جزيئات حيوية، كالأجسام المُضادة أو حقن البروتين، وهذا الرقم يُعتبر قياسياً. وقد أعلنت إدارة الإغذية والأدوية لائحة الأدوية الجديدة التي دخلت حيّز التجرية لأول مرة، والتي تُسيطر عليها العلاجات البيولوجية.

هذه العقاقير الحيوية تتضمّن أحد أهم إنجازات الطب لهذا العام، وهو فئة جديدة من العقاقير العلاج من السرطان ويدعى “immunotherapies”. كانت شركة الأدوية “Merck” تقوم بتجربة أجسام مضادة تساعد النظام المناعي على تمييز خلايا سرطان الجلد، مع نتائج رائعة لبعض المرضى، ويقوم النهج الآخر لعلاج السرطان على إعادة هندسة خلايا الدّم البيضاء للشخص وتمييز أنواع معيّنة من سرطان الدّم (اللوكيميا) والأورام.

الهندسة الحيوية لا تتوقّف عن الشريط الوراثي. مبادرة “BRAIN” الأمريكية، خصلت على توقيع الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” على مشروعٍ يَهدف إلى تطوير الهندسة العصبية لإجراء قياسات على الدّماغ والحصول في النهاية على الرّمز العصبي. النّهج العام لهذا المشروع يتناقض مع المشروع الأوروبي والّذي يهدف تمويله لأجل هدف واحد عظيم وهو إنشاء مُحاكاة حاسوبية للدّماغ، شيء أثار نيران علماء الأعصاب المُعارضين للمشروع.

Church

المهندسون الحيويون – سواء كان مجال عملهم الدّماغ أو العقاقير الجديرة أو حتى الأغذية – بيدهم حل التحدّيات العظيمة على كوكبنا، على سبيل المثال المحاصيل المُعدّلة وراثيّاً قد تساعدنا على التّكيف مع تغيّرات المناخ التي لا يمكن التنبّؤ بها. ومع هذا، فإن العديد من الأشخاص لا زالوا غير مُقتنعين بالفكرة بعد من كونها آمنة أو غير آمنة كتكنولوجيا واعدة. في الولايات المتّحدة بعض مُنظّمي الأعمال يأملون أنّ التّقنية الجديدة في مجال تعديل جينات الحيوانات كالماشية المُنتجة للألبان، قد تقود إلى عمليّة إعادة نظر عامّة عند المُعارضين للتّعديل الوراثي. في بعض الدّول كالصّين حيث ينتشر الخوف من التعديل الوراثي على نطاقٍ واسع، قررت الحكومات أن تتوقّف قليلاً عن عمليّة التسويق. ومع هذا كما أُبلغنا فإن الصّين في هذا العام تابعت في إنفاق مليارات الدولارات على البحث والتطوير لإيجاد مخزونٍ واسع من النباتات المُعدّلة وراثيّاً.

يسخر العلماء أحياناً من طريقة تطوّر الأشياء. ففي أوروبا، تم بيع أول نظرية غربية للعلاج الجيني هذا العام مقابل 1.4 مليون دولار للجرعة (وهي تعالج مرض كبدي نادر عن طريق تحديد الجين الطافر) مما جعلها أغلى علاج طبّي عبر التاريخ. ومع هذا لا نشاهد قيماً ماليّة قريبة من هذا بالنسبة للمحاصيل المُعدّلة وراثياً وبشكل أساسي تمّ منعهم.

“George Church” وهو مهندس جيني في جامعة هارفرد للطّب يظن أن هذا جعل من الأمر مُفارقة تقنية. وهو كان القائل لإحدى أكثر الأقوال المُفضلة هذا العام: “لقد قمنا بتعديل كائناتٍ بشرية وراثية تمشي في أنحاء أوربا ولا تأكل الطّعام المعدّل وراثياً”.

المصدر: MIT Technology Review

Mhd Jafar Mourtada

طالب هندسة طبية في جامعة دمشق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى