علوم الالكترونيات

أساسيات الكهرباء والإلكترونيات: الجهد الكهربائي

يُعتبر الجهد الكهربائي /Voltage/ أحد البارامترات الأساسيّة التي تصف الحالة الكهربائية لأي دارة كهربائية أو إلكترونية، وسوف تشاهده بكثرة عند قراءة مواصفات أي جهاز كهربائي كالغسالة والشاشة وأجهزة الإنارة، وهو معيار رئيسي يضعه المهندسون عند تصميم أي نظام إلكتروني، تسمى واحدة قياس الجهد الكهربائي “الفولت” /volt/ ومن المهم أن يتطابق جهد المصدر مع جهد الهدف، فمثلاً عند وصل مروحة تعمل بجهد 220 فولت على بطّارية تُعطي جهد 12 فولت فإنها حكماً لن تعمل، أمّا عند وصل جهاز إنارة يعمل بجهد 5 فولت على مصدر جهد 220 فولت، فإنه لن يستغرق أكثر من ثانية حتى يحترق.
ولكن ما هو الجهد الكهربائي؟

كي نفهم المبدأ: الذرات والشحنات

من المعروف أن جميع المواد تتكون من ذرات وأن الذرات تحوي إلكترونات ذات شحنة سالبة وبروتونات ذات شحنة موجبة، تكون الذرات في معظم المواد مستقرة بفعل قوى التجاذب بين الشحنات الموجبة والسالبة، كما تكون الذرات بالمحصلة بدون شحنة لأن الشحنات الموجبة تكون مكافئة للشحنات السالبة، لكن يمكن أن تُشحن المادة المعتدلة كهربائياً بشحنة موجبة أو سالبة، فمثلاً في تجربة الكهرباء الساكنة، عندما تفرك رأسك ببالون تنتقل إلكترونات من رأسك إلى البالون وبالتالي يصبح البالون ذو شحنة سالبة ورأسك ذو شحنة موجبة، لذلك تلاحظ قوة التجاذب بوقوف شعرك عند تقريب البالون من رأسك. في هذه اللحظة يصبح لدينا نقطتين مختلفتين في الشحنة، وعندها يمكن القول بأنه يوجد جهد كهربائي بين النقطتين، هذا هو مفهوم الجهد الكهربائي بأبسط أشكاله، إذا تم وضع سلك ناقل بين هاتين النقطتين سوف تندفع الإلكترونات الزائدة في البالون عبر السلك لتعود إلى رأسك وتملأ النقص الحاصل في الإلكترونات، يسمى تدفق الإلكترونات هذا بالتيار الكهربائي.

جهة تحرك الإلكترونات

يمكن أن نعبّر عن الجهد بأنه الضغط الذي يجبر الإلكترونات المشحونة على التدفق في دارة كهربائية، ولفهم فكرة الجهد والتيار الكهربائي أكثر، عادة ما يتم استخدام نظام تمديد المياه في منزلك، إن وجود خزان المياه على السطح هو ما يوفر الضغط الذي يجبر الماء على التدفق خلال الأنابيب لتصل إلى حمّامك، فارتفاع الخزان هنا يمثل الجهد الكهربائي الذي يوفر الضغط على الإلكترونات لتتدفق خلال الأسلاك، وكلما كان الإرتفاع أكبر كان الضغط أكبر وأصبح بالنتيجة التدفق أكبر، أما في حال بقي الماء في الخزان بدون وجود طريق ليتدفق، عندها نسمي الطاقة المخزنة في الماء بالطاقة الكامنة /potential energy/ لأنها لم تجد طريقها للخروج بعد، وكذلك الأمر بالنسبة لحاملات الشحنة فهي تبقى في حالة الإحتمالية تلك إلى أن يتوفر لها وسط ناقل لتنطلق وتعدل بعضها.

لاحظ انخفاض الضغط عند مرور التيار

فرق الجهد الكهربائي

حسب الفقرة السابقة، فإن الجهد الكهربائي تعبير عن الطاقة الكامنة التي يمكن أن تتحرر من خلال تحرك الشحنات عبر ناقل. ودائما ما تتم الإشارة إلى الجهد الكهربائي بفرق الجهد بين نقطتين، بالعودة إلى مثال الماء، عندما نقول أن ارتفاع الخزان 10 أمتار فإننا نقصد أنه يبتعد 10 أمتار عن نقطة مرجعية أخرى وهي الأرض. أي أن جهد نقطة ما في دارة كهربائية هو الفرق في طاقة الشحنات بينها وبين النقطة الأرضية للدارة وتسمى /GND/.

فرق الجهد الكهربائي والقوة المحركة الكهربائية

عندما يتم الحديث عن الجهد الكهربائيّ وواحدة الفولت، فإننا نسمع دوماً عن مصطلحين هما: القوة المحركة الكهربائية EMF: Electromotive Force وفرق الجهد الكهربائيّ PD: Potential Difference، وبالرّغم من التشابه الكبير بينهما، إلا أن هنالك فرقاً يجب توضيحه.

بالعودة للمثال السابق حول خزان الماء، وجدنا أن الماء سيحتاج لقوة ضغط كي يتحرك من الخزان عبر الأنابيب ليصل إلى المكان المنشود. بحالة الدارات الكهربائية، القوة المحركة الكهربائية هي مصدر الضغط والطاقة التي تدفع الإلكترونات (أي التيار الكهربائي) للمرور عبر الدارة.

بالنسبة لفرق الجهد الكهربائي فهو الفرق بين الطاقة الكامنة الكهربائية بين أي نقطتين في الدارة، أو بين نقطة معينة والتأريض GND. لنفترض أنه يوجد لدينا بطارية ذات جهد كهربائي قدره 5 فولت وربطنا معها ثنائي مصدر للضوء LED، بحيث يحصل الثنائي على الطاقة اللازمة لإصدار الضوء من البطارية. الآن عند وصل الدارة سيصبح الثنائي بحالة عمل، وبهذه الحالة نستطيع القول أن القوة المحركة الكهربائية للدارة كاملةً هي 5 فولت، بينما فرق الجهد الكهربائيّ على طرفي الثنائي هي 2 فولت، كونها قيمة الجهد اللازم لمرور تيار كهربائي يؤدي لعمل المادة نصف الناقلة (شبه الموصلة) في الثنائي وبالتالي إصدار الفوتونات الضوئية.

طرق توليد الجهد الكهربائي

يمكن توليد الجهد الكهربائي من خلال عدة طرق نذكر منها:

  • التفاعلات الكيميائية مثل البطاريات.
  • الطاقة الإشعاعية مثل الخلايا الشمسية.
  • التدفق المغناطيسي مثل المولدات ذات محرك البنزين.

يمكن أن يتولد الجهد الكهربائي بشكل مستمر فيسمى جهد تيار مستمر /DC Voltage/، أو أن يتولد بشكل متغير مع الزمن ولكن بتواتر ثابت فيسمى جهد تيار متناوب /AC Voltage/، يوضح الشكل التالي الرموز المستخدمة لتمثيل مصادر الجهد عند رسم المخططات، والمخطط الزمني لكل منهما.

المخطط الزمني للجهد المستمر والمتناوب

ما هو الفولت؟

الفولت /Volt/ هو وحدة قياس الجهد الكهربائي ضمن النظام العالمي لواحدات القياس SI، ويمكن أن نعرّف الفولت الواحد بأنه الضغط الكهربائي اللازم لتحريك تيار كهربائي مقداره 1 أمبير عبر سلك مقاومته 1 أوم، كما يمثّل 1 فولط كمية من الطاقة الساكنة مقدارها 1 جول تحملها إلكترونات بشحنة مقدارها 1 كولوم، حيث الكولوم /coulomb/ هو وحدة قياس الشحنة الكهربائية.

حتى يصبح مفهوم الفولت مألوفاً لديك، سننتقل معاً إلى الحياة الواقعية، حيث تعمل معظم الدارات الإلكترونية بجهد مستمر يتراوح من 3 فولت إلى 24 فولت، أما الأجهزة المنزلية والصناعية فتعمل غالباً بحهد متناوب قدره 220 فولت أو 110 فولت بحسب النظام المعتمد في كل بلد، أما إشارة الصوت التي تنتقل عبر سماعات الأذن فهي تقاس بالميلي فولت (الميلي فولت هو 0.001 فولت) وعلى الطرف الآخر فإن الكهرباء المنزلية تصلُ في مرحلة ما إلى عدّة آلاف من الفولتات أو الكيلو فولت /KV/، وذلك عندما تكون ضمن خطوط النقل من محطات التوليد إلى المدن.

يمكن قياس الجهد الكهربائي بواسطة جهاز يدعى ” الآفو متر” /Avometer/ أو “المقياس متعدد الأغراض” /Multimeter/، وقد تمَ الحديث عنه بشكل تفصيلي في مقال سابق.

خلاصة

إن الجهد الكهربائي هو الفرق في الطاقة الكامنة للشحنات الكهربائية بين نقطتين مختلفتين في دارة كهربائية، وعند وصل هاتين النقطتين بمادة ناقلة تندفع الشحنات على شكل تيار كهربائي. يُقاس الجهد الكهربائيّ بواحدة الفولت ويشكّل الجهد الكهربائي إلى جانب التيار الكهربائي والمقاومة الكهربائية أهم ثلاث خصائص لوصف أي دارة كهربائية أو إلكترونية.

مصادر إضافية للاطلاع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى