ليزر جديد يساهم بزيادة سرعة الانترنت بمعدل 20 مرة
ليزر جديد يساهم بزيادة سرعة الانترنت بمعدل 20 مرة
في خبر بحثي رائع، أعلنت مجموعة بحثية تابعة لمعهد كاليفورنيا للتقانة CalTech عن تمكنهم من تطوير ليزر جديد يمتلك إمكانية كبيرة بزيادة معدل نقل المعطيات بشبكات الألياف الضوئية Fiber Optics Networks، والتي تشكل العصب الأساسي لشبكة الانترنت.
تم نشر الدراسة في الأسبوع الثاني من شهر شباط/فبراير في النسخة الالكترونية من مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences. يمثل هذا العمل خلاصة 5 سنوات من الجهد والبحث المخبري لكل من يامون آريف بروفيسور الفيزياء التطبيقية ومارتين سومرفيلد بروفيسور الهندسة الكهربائية في معهد كاليفورنيا للتقانة. تم قيادة البحث الجديد عبر باحث مرحلة ما بعد الدكتوراه كريستوس سانتيس، وطالب الدارسات العليا سكوت ستيغر.
يمتلك الضوء قدرةً ممتازة في نقل معدلاتٍ كبيرة من المعطيات – يمتلك عرضة حزمة Bandwidth لنقل المعلومات أوسع بـ 10000 مرة من الأمواج الميكروية Microwaves والتي كانت تستخدم في بدايات أنظمة الاتصال طويلة المدى. المُشكلة المترافقة مع الضوء، أن استغلال هذه الميزة الهامة فيه تتطلب أن يكون نقياً بدرجة عالية. المقصود هنا بالـ “نقاوة” هو أن يكون الضوء الحامل للمعلومة ذو ترددٍ وحيد، وبالتالي ذو طول موجي وحيد، وكلما كان الضوء نقياً أكثر، كلما امتلك إمكانية نقل معلومات بمعدلاتٍ وكفاءة أكبر. ولعقودٍ عدة، قام الباحثون بالبحث في إمكانية تطوير أنماط جديد من الليزر تكون قريبةً قدر الإمكان من إصدار ترددٍ وحيد.
تعمل معظم شبكات الألياف الضوئية اليوم باستخدام نمط ليزر يعرف بـ ” الليزر نصف الناقل ذو التغذية الخلفية الموزعة Distributed-Feedback Semiconductor Laser” والذي يرمز له اختصاراً بـ “S-DFB”، والذي قد تم تطويره أيضاً في أواسط السبعينيات من القرن الماضي. يتميز هذا النمط من الليزر بعمرٍ طويل جداً في أنظمة الاتصالات التي تعتمد عليه، ويتميز أيضاً بنقاوة طيفية غير تفرعية Unparalleled Spectral Purity – وهي الخاصية التي تقيس درجة تطابق الضوء المصدر مع التردد المطلوب. كلما زادت النقاوة الطيفية لليزر، كلما زاد عرض مجال المعلومات الذي يمكن للشعاع الليزري أن يحمله، وزادت المسافة التي يمكن أن يقطعها الليزر ضمن الليف الضوئي. النتيجة النهائية هنا، هي أن المعلومة يمكن أن تنقل بسرعة أكبر ولمسافاتٍ أطول.
مع مرور الوقت، أصبحت هذه النقاوة الطيفية -التي لا مثيل لها -نتيجةً مباشرة لدمج تقنيات المجال النانوي Nanoscale وتفرعاته ضمن البنية المتعددة الطبقات لمنظومة توليد شعاع الليزر. يعمل سطح المنظومة بطريقةٍ مشابهة لمرشح داخلي Internal Filter، حيث يقوم بالتخلص من موجات الضجيج الزائفة التي تقوم بتلويث تردد الموجة الأصلية المطلوب.
على الرغم من أن منظومة ليزر S-DFB هي الأساسية في كافة منظومات الاتصالات لمدة أكثر من 40 سنة -وهي السبب الأساسي التي جعلت البروفيسور ياريف يحصل على الميدالية الوطنية للعلوم في عام 2010 – إلا أن النقاوة الطيفية (أو درجة الترابط Coherence) لمنظومة الليزر لم تعد قادرة على تحقيق المتطلبات البشرية المتزايدة في تأمين مجالات أعلى لعرض مجال نقل المعلومات.
المنظومة القديمة لليزر S-DFB تتألف من طبقة كريستالية لمادة نصف ناقلة عادةً ما تكون آرسنيد الغاليوم Gallium Arsenide أو فوسفيد الانديوم Indium Phosphide. تقوم هذه الطبقة الكريستالية (البلورية) بتحويل التيار الكهربائي المطبق عليها إلى ضوء يتم تخزينه ضمن المادة نفسها. المشكلة الأساسية المتعلقة بهذه المواد نصف الناقلة أنها تقوم بامتصاص الضوء، وبما أن عملية امتصاص الضوء هذه ستؤدي لتضاؤل في النقاوة الطيفية (أي مدى الترابط) فإن الباحثون قد فكروا بعدة حلول لهذه المشكلة، بهدف تصميم ليزر جديد ذو كفاءةٍ أعلى.
الحل الجديد يتمثل بما يلي: المادة نصف الناقلة ستقوم بتوليد الضوء عند تعريضها لتيارٍ كهربائي، إلا أنها وبدلاً من تخزين الضوء ضمن مادة البلورة نفسها، فإنها ستقوم بتخزينه ضمن طبقة سليكونية خارجية، والسبب هو أن السليكون لا يمتص الضوء، فضلاً عن أن الشكل الجزيئي Spatial Patterning لهذه الطبقة السليكونية يتميز بكونه يجعل السليكون يعمل على تركيز الضوء الوارد إليه، مما يؤدي لسحب الضوء المولد من قبل الطبقة الكريستالية نصف الناقلة بكفاءةٍ عالية باتجاه الطبقة السليكونية.
النتيجة النهائية لهذه الفكرة كانت الحصول على نقاوةٍ طيفية أفضل، حيث تم تضييق حزمة الترددات الناتجة بمعدل 20 مرة من تلك الناتجة من منظومة ليزر S-DFB التقليدية. هذا الأمر يعني إمكانية تطور مستقبلي لمنظومات الاتصالات بالألياف الضوئية. بشكلٍ أساسي، يتم نقل المعلومات في كبلات الألياف الضوئية الليزرية على شكل نبضات ضوئية; يقوم الشعاع الليزري بضخ المعلومات عبر تشغيله وإطفائه بمعدلٍ عالي مما يؤدي للحصول على تسلسل نبضات تمثل سلسلة من الأصفار والوحدات، حيث يشير الواحد إلى وجود نبضة ليزرية، بينما يشير الصفر إلى عدم وجودها. هذه السلسلة من النبضات الليزرية الممثلة للمعلومات المفيدة، يتم نقلها عبر كبلات الألياف الضوئية. بكل الأحوال، ومن أجل تحقيق مُتطلّبات تزايد عرض مجال المعلومات، يقوم مهندسو أنظمة الاتصالات بتبني طرق جديدة في كيفية تمثيل المعلومات ضمن ضمن الشعاع الليزري، وبدلاً من استخدام طريقة قطار النبضات الضوئية الليزرية، يتم الآن الاعتماد على طريقة “ترابط الطور Coherent Phase”.
في أنظمة الاتصالات المعتمدة على “ترابط الطور” يتم الاحتفاظ بالبيانات والمعطيات ضمن فترات تأخير زمني للموجات الضوئية الآتية; هذه التأخيرات الزمنية تمتلك إمكانية ترحيل المعلومات ونقلها بدقة لآلاف الأميال. بهذه الطريقة، يتم تحويل البتات الالكترونية الرقمية التي تمثل معلومات متنوعة (ملفات فيديو، ملفات نصية، ملفات موسيقى,,,الخ) إلى هذه التأخيرات الزمنية، وذلك ضمن بينة الليزر. المُشكلة هنا أن عدد التأخيرات الزمنية الممكن إجرائها – وبالتالي سعة نقل البيانات في القناة الضوئية الليزرية – يتم تحديده بشكل رئيسي عبر درجة النقاوة الطيفية للشعاع الليزري. وبما أن النقاوة الطيفية لا يمكن أن تكون مثالية أو مطلقة، فإن ما يطلب تنفيذه بشكلٍ أساسي هو تحسين النقاوة الطيفية لأعلى درجة ممكنة.
عبر البحث الجديد الذي تم تنفيذه، تم تحسين النقاوة الطيفية لـ 20 مرة أفضل من سابقاتها. هذا سيؤدي – بالنتيجة – للحصول على إمكانيات نقل معلومات بسعات أكبر، وبدقة أفضل، ولمسافات أطول.
المصدر: موقع Phys.org
معلومات رائعة جداا شكرا لك
أهلاً وسهلاً بك…لا شكر على واجب
Great job,thanks for empowering the arabic content