ما هو المعالج الصغري – الدقيق وكيف يعمل Microprocessor
المعالج الصغري (أو المعالج الدقيق) هو الأداة التي تقوم بقيادة وتنظيم عمل أي نظام حاسوبي، سواء كان هذا النظام عبارة عن حاسوب مكتبي، حاسوب محمول، مخدم شبكة، أو حتى حاسوب فائق.
مقدمة في المعالجات الصغرية
مهما كان الجهاز الذي تستخدمه من أجل قراءة هذا المقال، فإنه يتضمن بداخله وحدةً أساسية تعتبر النواة والدماغ المحرك لكل أجزائه ووحداته، وهذه الوحدة هي المعالج الصغري MPU: Microprocessor. فسواء كنت تستخدم حاسوب مكتبي، أو حاسوب محمول، أو حتى هاتفاً ذكياً أو جهازاً لوحياً، فإن المعالج الصغري المتواجد داخل أحد هذه الأجهزة هو القطعة الأساسية التي تكونه وتقود فعالياته.
وكي يكون المفهوم أكثر شمولية: فالمعالج الصغري هو الأداة التي تقوم بقيادة وتنظيم عمل أي نظام حاسوبي، سواء كان هذا النظام عبارة عن حاسوب مكتبي، حاسوب محمول، مخدم شبكة Server، أو حتى حاسوب فائق SuperComputer.
يُعرف المُعالج الصغري أيضاً بـ “وحدة المعالجة المركزية CPU: Central Processing Unit” والتي تتواجد بقلب أي نظام حاسوبي وتشكل نواته الأساسية، وهو عبارة عن دارة متكاملة قابلة للبرمجة، يتم تصميم بنيتها الداخلية وفقًا لمعماريةٍ Architecture مُحددة حيث تقوم “المعمارية” مهمة توصيف الآلية التي سيتم عبرها تنفيذ عمليات مُعالجة البيانات ضمن المعالج ومن ثم الحصول على المعلومات اللازمة من أجل قيادة النظام الحاسوبي ككل.
تعتبر المعالجات الصغرية نتيجةً لتطور تقنية الدارات المتكاملة وأحد أهم تطبيقات ثورة أنصاف النواقل التي تمت بمجال الصناعة التقنية بعد أن قام وليام شوكلي باختراع وتطوير الترانزستور عام 1947. فبعد تقديم الترانزستور، أصبح العلماء والتقنيين قادرين على تنفيذ مهامٍ متنوعة باستخدام الترانزستورات، وأهمها القدرة على تمثيل المنطق الرقمي الذي يتعامل مع البيانات على أنها وحدات وأصفار، وذلك عبر استغلال ميزة سرعة الفتح والإغلاق التي يتمتع بها الترانزستور، فضلاً عن حجمه الصغير (مقارنةً بالصمامات الكهربائية المفرغة المستخدمة سابقاً). ومع تطور تقنيات التعامل مع العناصر الإلكترونية نصف الناقلة (أو شبه الموصلة)، تطوت تقنية الدارات المتكاملة، والتي تعني القدرة على وضع العديد من العناصر نصف الناقلة ضمن شريحةٍ إلكترونية واحدة. ظهور تقنية الدارات المتكاملة سمحت بتطوير الدارات الإلكترونية بشكلٍ كبير، كونها تسمح بدمج العديد من الترانزستورات ضمن الشريحة الواحدة، فضلاً عن إمكانية تشكيل هذه الترانزستورات ضمن الشريحة وفقاً لهيكليات مختلفة. هذه التطورات كلها قادت لظهور المعالجات الصغرية في بداية سبعينيات القرن الماضي.
ففي عام 1971، أعلنت شركة إنتل عن تطوير أول معالج صغري، وهو المعالج الصغري 4004، الذي كان يتمتع بسعة نواقل قدرها 4 بت. لم يكن المعالج 4004 معالجاً فعالاً وذو قدراتٍ فعالة في معالجة البيانات وتنفيذ العمليات الحاسوبية المختلفة، إلا أن التمكن من تصميمه وتنفيذه فتح الباب أمام تطويره للحصول على معالجاتٍ أكثر كفاءة. وقد استخدم المعالج الصغري 4004 من أجل قيادة عمل بعض الآلات الحاسبة الإلكترونية البسيطة، والتي كانت سابقاً تعتمد على تشكيلات متنوعة من العناصر الإلكترونية المتوضعة بشكلٍ منفصل، من أجل إتمام المهام الحسابية المطلوبة منها.
ولكن ماذا حصل بعد إنتاج المعالج الصغري 4004؟
تطور المعالجات الصغرية: شركة إنتل
بعد إنتاج أول معالج صغري من قبل شركة إنتل عام 1971، تبين أن المعالج غير كفؤ وغير مناسب من قيادة نظام حاسوبي متكامل. وبعد ذلك، عملت الشركة على تطوير معالجها الجديد عام 1974: المعالج الصغري 8080، والذي يعتبر أول معالج صغري تم تضمينه ضمن حاسوب، وهو يمتلك سعة خطوط عنونة مقدارها 8-بت. وبعد المعالج 8080، تم تطوير المعالج 8085 بسعة خطوط عنونة أيضاً 8-بت، ثم المعالج الصغري 8086، ثم تم تطوير المعالج الصغري 8088 الذي يعتبر أول معالج صغري تم تحقيق نجاح كبير في السوق التجارية. تم إنتاج المعالج الصغري 8088 عام 1979، وقد تم تضمينه ليكون نواة المعالجة الأساسية في حواسيب شركة IBM التي ظهرت عام 1982.
وبعد ظهور المعالج 8088، استمر تطور المعالجات الصغرية من قبل شركة إنتل، فظهر المعالجات التالية خلال فترتي الثمانينيات والتسعينيات: 80286 وهو أول معالج صغري بسعة خطوط عنونة مقدارها 16-بت، ثم المعالج 80386 الذي كان أول معالج صغري بسعة خطوط عنونة مقدارها 32-بت، ثم المعالج 80486، وأخيراً المعالج 80586 الذي عرف باسمه الشهير “Pentium 1”. وبعد المعالج Pentium 1 استمرت مسيرة التطور وصولاً إلى المعالج المتفوق الشهير Pentium 4 عام 2000. ثم ظهر المعالج Itanium عام 2001 ليكون أول معالج صغري بسعة خطوط عنونة مقدارها 64-بت، ثم بدأت أجيال المعالجات متعددة النواة بالظهور: المعالج ثنائي النواة Core 2 Duo في عام 2006، والمعالج رباعي النواة Core 2 Quad في عام 2007، والمعالج المتفوق Core 2 Extreme,Quad Processor في عام 2008، ثم ظهرت معالجات الجيل الرابع: Core i3, Core i5, Core i7.
وكي نسلط الضوء أكثر على تطور المعالجات بشكل واضح أكثر، فإنه ينبغي على القارئ أن يعرف أن أول معالج صغري 4004 كان يضم 2300 ترانزستور على الشريحة، وكانت يعمل عند تردد 108 كيلو هرتز، بينما المعالج Core 2 Extreme قد وصل عدد الترانزستورات على الشريحة إلى 820 مليون ترانزستور على الشريحة، ويعمل عند تردد 3.2 غيغا هرتز، بينما معالجات الجيل الرابع فقد تجاوز فيها عدد الترانزستورات على الشريحة المليار ترانزستور (1.4 مليار ترانزستور على الشريحة بالنسبة للمعالج Core i7). وبالنسبة لعائلة معالجات Core M التي أطلقتها شركة إنتل في عام 2014، فإن الشركة ستقوم بتصنيع هذه المعالجات اعتماداً على ترانزستورات بأبعاد من رتبة 14 نانومتر، لتكون أول شركة في العالم تستطيع كسر هذا الحاجز والوصول لهذه الدرجة العالية من التكامل.
حسناً، قد تشعر هنا بالقليل من التشتت والضياع: فكيف سيستطيع الشخص أن يستوعب عمل كافة هذه المعالجات الصغرية، وقد تطور عملها وأدائها بشكلٍ كبير؟ وما الذي يجب أن يفهمه الشخص بالضبط؟
في الواقع، فإن عرضنا السابق لتطور المعالجات الصغرية بدءاً من المعالج 4004 لم يكن بغرض التشتيت، وإنما بهدف تسليط الضوء على التطور الكبير الذي حصل بمجال صناعة المعالجات الحاسوبية. والأهم من ذلك، فإننا نود أن نشرح بعض المواصفات الأساسية التي تتعلق بأداء المعالجات الصغرية عبر العرض السابق، وهي كما يلي:
1– تاريخ الصنع: هو العام الذي ظهر فيه المعالج لأول مرة. هنالك العديد من المعالجات التي تم إعادة تقديمها، وذلك بعد إضافة بعض التحسينات إليها.
2- عدد الترانزستورات: يشير إلى عدد الترانزستورات المتوضعة على شريحة المعالج. ويمكن ملاحظة أن عدد الترانزستورات على الشريحة قد تضاعف بشكلٍ كبير مع مرور الزمن (قانون مور).
3- طول أصغر ناقل ضمن الشريحة Micron: تشير هذه الخاصية إلى طول أصغر سلك ناقل ضمن شريحة المعالج، مقدراً بواحدة الميكرون، والميكرون أصغر من السنتمي متر بـ 1000 مرة، وشعرة الإنسان – على سبيل المثال – تمتلك ثخانةً قدرها 100 ميكرون.
4- تردد عمل المعالج Clock Speed: تشير هذه الخاصية إلى أقصى معدل سرعة يمكن للشريحة أن تعمل وفقه. سيتم تسليط الضوء على هذا المفهوم بشكلٍ أكبر في الفقرات المقبلة.
5- عرض البيانات Data Width: أو سعة خطوط العنونة. هذه الخاصية تتعلق بشكلٍ أساسي بوحدة الحساب والمنطق ALU ضمن بنية المعالج الصغري، وهي تشير إلى كمية البيانات التي تستطيع النواقل الموجودة ضمن بنية المعالج بنقلها و/أو معالجتها بتعليمةٍ واحدة. هذا يعني أن المعالج الذي يمتلك سعة عرض بيانات قدرها 8-بت، يستطيع أن يقوم بإجراء عمليات الجمع، الطرح، الضرب، القسمة على أرقامٍ بطول 8-بت بكل تعليمة معالجة. وفي حال كانت الأرقام بطول 32-بت – مثلاً – فإن معالج بعرض خطوط عنونة 8-بت سيحتاج لـ 4 تعليمات من أجل تنفيذ العمليات الحسابية المطلوبة على الأرقام التي تمتلك طول قدره 32-بت، بينما يستطيع معالج بعرض خطوط عنونة 32-بت أن يقوم بالعمليات الحسابية اللازمة على هذه الأرقام بتعليمةٍ واحدة.
6– ملايين العمليات في الثانية MIPS: وهو أحد معايير قياس كفاءة وقدرة المعالج، وهو يشير إلى عدد العمليات التي يستطيع المعالج أن يقوم بتنفيذها في ثانيةٍ واحدة، ولكن مقدرةً بالملايين، والمصطلح MIPS هو اختصار لـ Millions of Instructions per Second.
ومن الجدول السابق، يمكن أن نلاحظ أن هنالك علاقة ما بين تردد عمل المعالج، وما بين MIPS، فكلما كانت تردد عمل المعالج أسرع، كلما كان عدد التعليمات المنفذة في ثانيةٍ واحدة أكبر. كما أنه يوجد هنالك علاقة ما بين زيادة عدد الترانزستورات على شريحة المعالج، وما بين MIPS.
- اقرأ أيضًا: ما هو الفرق بين معالجات 32-بت و64-بت؟
منطق المعالجات الصغرية Microprocessors Logic
من أجل فهم كيفية المعالج الصغري، فإنه من المفيد النظر بداخله ومعرفة ما هو المنطق الذي يحكم عمل المعالجات الصغرية، كما أنه من المفيد أيضاً معرفة المعلومات الأساسية المتعلقة بلغة التجميع Assembly Language، والعديد من الأمور والتفاصيل الأخرى التي يستطيع المهندسون استخدامها من أجل فهم آلية عمل المعالجات الصغرية وكيفية تعزيز قدرتها وسرعتها.
بشكلٍ أساسي، فإن المعالج الصغري يقوم بتنفيذ مجموعة من تعليمات لغة الآلة Machine Instructions، حيث تحدد هذه التعليمات كيفية قيام المعالج لعمله، واعتماداً على هذه التعليمات، فإن المعالج يقوم بالمهام التالية:
-
-
- يقوم المعالج الصغري بعملياتٍ حسابية مثل الجمع، الطرح، الضرب، والقسمة، اعتماداً على وحدة الحساب والمنطق الموجودة داخله ALU. المعالجات الصغرية الحديثة تتضمن معالجاتٍ ووحداتٍ خاصة من أجل تنفيذ العمليات الحسابية الخاصة بالأعداد ذات الفاصلة العائمة، حيث تستطيع أن تقوم بتنفيذ عملياتٍ حسابية معقدة ومتنوعة على هذه الأعداد.
-
- يقوم المعالج الصغري بنقل البيانات من أحد مواقع الذاكرة إلى موقعٍ آخر.
- يستطيع المعالج الصغري أن يقوم بعمليات اتخاذ القرار، والانتقال إلى مجموعةٍ جديدة من التعليمات بناءً على القرارات التي اتخذها.
-
بالطبع، فإن المعالج الصغري يقوم بالعديد من المهام المعقدة، ولكن بشكلٍ أساسي، فإن المهام الثلاث السابقة هي المهام الأساسية له. ومن أجل توضيح المهام المختلفة التي يقوم بها المعالج الصغري، فإننا سنوضحها بالمخطط التالي:
- ناقل العناوين Address Bus: هو الخط الناقل الذي يقوم بإرسال العناوين إلى الذواكر.
- ناقل البيانات Data Bus: هو الخط الناقل الذي يقوم بإرسال البيانات إلى الذاوكر، أو استقبال البيانات من الذواكر.
- خطوط القراءة والكتابة Read/Write Line: وهي التي تقوم بإخبار الذواكر فيما إذا كانت تريد أن تقوم بالحصول على عناوين لمواقع معينة، أو تريد أن تقوم بضبط عناوين هذه الموقع.
- خط الساعة Clock Line: والذي يسمح لنبضات الساعة أن تقوم بتنظيم تردد عمل المعالج.
- خط التصفير Reset Line: يقوم بتصفير القيمة الموجودة في عداد البرامج Program Counter إلى الصفر (أو أي قيمة أخرى) ويقوم بإعادة تشغيل عملية التنفيذ.
لنفترض الآن أن ناقل العناوين وناقل البيانات يمتلكان عرضاً قدره 8-بت، فإن مكونات المعالج الصغري الموافق لهما ستكون كما يلي:
- السجلات A، B، C هي عبارة عن ماسكات Latches مصنوعة من دارات القلابات Flip-Flop، وماسك العناوين هو عبارة عن سجل مشابه تماماً للسجلات A, B, C.
- عداد البرامج Program Counter هو أيضاً عبارة عن دارة ماسك، مع ميزةٍ إضافية هي قدرته على زيادة القيمة المحفوظة ضمنه بمقدار واحد، وذلك عندما يتم إخباره بذلك، كما يمتلك القدرة على تصفير القيمة المخزنة ضمنه، أيضاً عندما يتم إخباره بذلك.
- وحدة الحساب والمنطق ALU يمكن أن تكون ببساطة عبارة عن دارة جامع منطق بعرض 8-بت، أو قد تكون دارة قادرة على أداء عمليت الجمع، الطرح، الضرب، القسمة، وذلك لقيم بعرض 8-بت.
- سجل الفحص Test Register هو عبارة عن دارة ماسك، تقوم بحفظ القيم الناتجة عن عمليات المقارنة التي تحصل ضمن وحدة الحساب والمنطق. تستطيع وحدة الحساب والمنطق أن تقارن بين عددين وتحدد إذا كانا متساويين أم لا، أو إذا كان أحدهما أكبر من الآخر. يستطيع أيضاً سجل الفحص أن يقوم بالاحتفاظ بالقيم الثنائية التي تنتج عن مرحلة الجمع الأخيرة في دارة الجامع، حيث يقوم السجل بحفظ هذه القيم في دارات قلابات، ومن ثم يقوم مُرّمز التعليمات Instructions Decoder باستخدام هذه القيم من أجل اتخاذ القرارات.
- يوجد 6 صناديق مكتوب عليها “ثلاث حالات 3-States”، وهي عبارة عن عوازل ثلاثية الحالة، وهذا يعني أنك تحصل على خرج هذه الدارات إما على قيمة (1) أو (0) أو لا تحصل على أي شيء. هذه الدارات تسمح بأن يتصل عدة مخارج بسلكٍ واحد، ولكن أحدها فقط سيستطيع أن ينقل قيمة (1) أو (0) إلى السلك.
- سجل التعليمات Instruction Register ومرمز التعليمات يتولان مسؤولية التحكم بكل العناصر الأخرى.
هنالك جزء ليس واضح ضمن المخطط، وهو خطوط التحكم Control Lines الخارجة من مُرمز التعليمات، والتي تقوم بالمهمات التالية:
– إخبار السجل A بـ “مسك Latch” القيمة الموجودة حالياً ضمن ناقل البيانات
– إخبار السجل B بـ “مسك Latch” القيمة الموجودة حالياً ضمن ناقل البيانات
– إخبار السجل C بـ “مسك Latch” القيمة الموجودة حالياً على خرج وحدة الحساب والمنطق
– إخبار سجل عداد البرامج بـ “مسك” القيمة الموجودة حالياً على ناقل البيانات
– إخبار سجل العناوين بـ “مسك” القيمة الموجودة حالياً على ناقل البيانات
– إخبار سجل التعليمات بـ “مسك” القيمة الموجودة حالياً على ناقل البيانات
– إخبار عداد البرامج بأن يزيد قيمته
– إخبار عداد البرامج بأن يصفر قيمته
– تفعيل أحد العوازل ثلاثية الحالة الثلاث
– إخبار وحدة الحساب والمنطق ما هي العملية التي يجب أن يؤديها
– إخبار سجل الفحص بـ “مسك” بتات الفحص الخاصة بوحدة الحساب والمنطق
– تفعيل خط القراءة RD Line
– تفعيل خط الكتابة WR Line
يجب أن نذكر أمراً هاماً يتعلق بعمل المعالجات الصغرية، وهو “دارات الدعم Support Circuits”. فالمعالج الصغري بحاجة للعديد من الدارات المتكاملة التي تقوم بتنفيذ العديد من المهام المختلفة لتساعده وتدعم عمله الأساسي. فمثلاً، يحتاج المعالج الصغري لدارات إدخال وإخراج I/O Ports، سواء كانت تفرعية أو تسلسلية، بالإضافة إلى الذواكر، والسجلات والعوازل التي ذكرناها سابقاً. ونظراً للأهمية، فإننا سنستعرض بشيءٍ من التفصيل الذواكر الأساسية المرتبطة بعمل المعالج الصغري، وبدون التوسع في شرح بقية دارات الدعم.
ذاكرة المعالج الصغري Microprocessor Memory
قمنا في القسم السابق بتوضيح ناقل البيانات وناقل العناوين، وأيضاً خطوط القراءة والكتابة. هذه النواقل والخطوط تتصل بنوعين من الذواكر (بشكلٍ أساسي): ذاكرة الوصول العشوائي RAM وذاكرة القراءة فقط ROM. ولو عدنا للمثال البسيط الذي افترضناه، فإننا وضعنا قيمةً لعرض نواقل البيانات والعناوين هي 8-بت. فما هي فائدة معرفة هذه القيمة؟ في الواقع هذه القيمة أساسية جداً بعمليات تصميم المعالجات الصغرية، فهي تحدد عدد مواقع الذاكرة التي يستطيع المعالج التعامل معها وعنونتها. وبشكلٍ أساسي، فإن عدد مواقع الذاكرة التي يستطيع المعالج عنونتها هي:
2n
و (n) في العلاقة السابقة هي سعة نواقل البيانات للمعالج الصغري، وهذا يعني أن معالجاً بسعة نواقل بيانات قدرها 8-بت، فهو قادر على التعامل وعنونة (28) موقع في الذاكرة، أي 256 موقع في الذاكرة. وبالنسبة لمعالج يمتلك سعة نواقل قدرها 16-بت فإنه سيكون قادراً على عنونة 65536 موقع، ومعالج بسعة 32-بت سيكون قادراً على عنونة 4294967296 موقعاً في الذاكرة، ومعالج بسعة 64-بت سيكون قادراً على عنونة 18446744073709551616 موقع في الذاكرة.
بالنسبة لذاكرة القراءة فقط ROM: Read-Only-Memory، فهي ذاكرة لا يمكن للمستخدم الولوج إليها، حيث يتم برمجتها مع مجموعةٍ ثابتة من التعليمات، ويقوم ناقل العناوين بإخبار ذاكرة ROM ما هو البايت المناسب الذي يجب أن يتم وضعه على ناقل البيانات، وعندما يقوم خط القراءة بتبديل حالته، تقوم ذاكرة ROM بتمثيل البايت الذي تم اختياره على ناقل البيانات.
ذاكرة الوصول العشوائي RAM: Random-Access-Memory تتضمن بايتات المعلومات، حيث يستطيع المعالج الصغري الكتابة أو القراءة من هذه البايتات، وذلك بحسب حالة خطوط القراءة والكتابة، وأيٍ منها تم تفعيله. أحد المشاكل الأساسية المتعلقة بذاكرة RAM هي أنها لا تستطيع الاحتفاظ بالمعلومات بعد انقطاع التيار الكهربائي، وهذا هو السبب الأساسي بحاجة الحواسيب لذواكر ROM.
- اقرأ أيضًا: الذواكر الحاسوبية Computer Memories
للتوضيح أكثر: في الحواسيب المكتبية PC Desktop أو الحواسيب المحمولة التي نستخدمها في أيامنا هذه، فإن الـ ROM هي ما يعرف بالـ BIOS، أو نظام الإدخال والإخراج الأساسي، فعندما يبدأ المعالج الصغري بالعمل، فإنه يبدأ بتنفيذ العمليات الأساسية اعتماداً على التعليمات المحفوظة في الـ BIOS، حيث تعمل تعليمات الـ BIOS على أداء مهماتٍ أساسية مثل فحص جهوزية كافة العتاد الصلب Hardware الخاص بالآلة، ومن ثم تقوم بالذهاب إلى الأقراص الصلبة من أجل جلب قطاع التمهيد Boot Sector، وهو برنامج آخر هام لبدء عمليات التشغيل، وما يقوم به الـ BIOS هو قرائته ومن ثم وضعه على ذاكرة الـ RAM. بعد ذلك، يقوم المعالج الصغري بتنفيذ التعليمات الموجودة ضمن قطاع التمهيد اعتماداً على قرائتها من ذاكرة الـ RAM. بعد ذلك، يعمل قطاع التمهيد على إخبار المعالج الصغري بجلب شيء آخر من الأقراص الصلبة ووضعه على ذاكرة الـ RAM كي يتم تنفيذه.
إذاً، وبشكلٍ مختصر، فإن ذاكرة ROM تتضمن التعليمات الأساسية التي يحتاجها المعالج الصغري كي يعمل، بينما ذاكرة RAM تتضمن التعلميات قيد التنفيذ، حيث يتم قراءة التعليمات والمعلومات منها، بينما تقوم أقراص التخرين الصلبة بحفظ البرامج والمعلومات التي يتم تنفيذها وقرائتها لاحقاً من ذاكرة الـ RAM.
التوضيح السابق هو اختصار لكيفية تنفيذ المعالج الصغري لكافة تعليمات نظام التشغيل.
بالنسبة لموضوع برمجة المعالجات الصغرية من قبل المستخدمين (هذا الموضوع يهم مستخدمي المتحكمات الصغرية بشكلٍ أكبر)، فإن اللغة الأساسية للتعامل مع المعالجات الصغرية هي لغة التجميع Assembly Language والتي تعتبر أحد لغات البرمجة منخفضة المستوى. طبعاً، فإن المعالج الصغري وبسبب بنيته المنطقية، فإنه لن يقبل التعليمات إلا على أعداد ثنائية مكونة من الأصفار والواحدات، ولكن عملية كافة الأرقام والأعداد والرموز على شكل بتات ثنائية سيكون أمراً شاقاً وصعباً، ولذلك فإنه يتم استخدام لغات البرمجة مثل لغة التجميع، وحديثاً يتم استخدام لغة C على نطاقٍ واسع من أجل برمجة المعالجات والمتحكمات الصغرية. طبعاً استخدام هذه اللغات هي لتسهيل المهمة على المبرمج، حيث لا يستطيع المعالج أن يفهم التعليمات المكتوبة بهذه اللغات بشكلٍ مُباشر، لذلك يتم تحويل البرامج المكتوبة باستخدام اللغات عالية المستوى إلى شيفراتٍ ثنائية Binary-Code باستخدام المُفسرات والمترجمات، بما يؤدي بالنتيجة للحصول على تعليماتٍ بلغة الآلة يستطيع المعالج فهمها وتنفيذها.
- اقرأ أيضًا: ما هو الفرق بين المعالجات والمتحكمات الصغرية؟
الخلاصة
المعالجات الصغرية هي الوحدات الأساسية التي يتكون منها الحاسوب الرقمي الحديث، أياً كان شكله، سواء كان حاسوب مكتبي تقليدي، أم حاسوب محمول، أم جهاز لوحي، أو حتى هاتف ذكي. وتقوم المعالجات الصغرية بالتحكم بكافة الفعاليات الحاسوبية، وهي دماغه الأساسي. تتضمن المعالجات الصغرية مجموعة من الوحدات التي تقوم بتنفيذ مهام مختلفة (السجلات، الذواكر، وحدة الحساب والمنطق) كما تتضمن خطوط للقراءة والكتابة ونواقل للبيانات ونواقل للعناوين على مواقع الذاكرة. أخيراً، فإن المعالجات الصغرية تتميز بسمةٍ أساسية وهي سعة المعالج، أو دقته، أو عرض نواقل البيانات الخاص به، وبناءً على ذلك، فإننا نميز بين معالجات 8-بت، أو 16-بت، أو 32-بت، أو 64-بت، وحالياً، فإن معظم الأجهزة الحاسوبية على مختلف أنواعها تستخدم معالجات 64-بت.
شكراً لكم